في خطوة لم تكن مفاجئة : بل تعد جزء من سياسات اعتمدها سماحة السيد مقتدى الصدر في تعاطيه مع المشهد العراقي العام فيما يخص الانتخابات والبرلمان والحكومة والواقع الخدمي العام .. فقد اعلن السيد انسحابه واستقالت جميع نوابه الفائزين في الانتخابات كاول واقوى كتلة على الخارطة العراقية من الناحية التمثيلية النيابية وكذا الحضور الجماهيري على الأرض ..
التحليلات متعددة وكل يضع فرضيات واراء تتناسب مع مرجعيته وربما رغباته . لكن الحقيقة التي يعيها الجميع تتمثل بان الصدر رفع شعارا واحد قبل الانتخابات وبعدها واثناء مراحل التفاوض وما زال قائما .. تمثل بحكومة قوية غير توافقية ولا محاصصاتية يعول عليها في اجراء عملية التغيير المنشود خدماتيا ومؤسساتيا بما يضمن تحسن الحال العراقي العام دون المس بالحريات المفترضة مثل الدين والراي والجوهر الديمقراطي التعددي القائم ..
لللاسف الظروف والفرقاء السياسيين والمصالح المتقاطعة .. ما كان منها خارجي او داخلي .. فضلا عن عقبة دستورية الثلثين وما فرضته من انتظار وإمكانية توافق بحد ادنى لم يتحدد .. مما اضطر السيد لتغيير سياساته وتكتيكه .. ذلك لا يعني انه اخلى الساحة وترك فوز كتلته ومسؤولياته ليستفيد ويتنعم بها غيره بصورة تشبع رغباتهم – فذلك في السياسة والواقع العام يعد من اضغاث الاحلام – .
الانسحابات الصدرية – ان جازت التسمية – الجديدة تدخل ضمن حسابات سياسية بحتة ربما أراد ان يوجه تحذير أخير يتضمن فرصة جديدة لبقية الأطراف حتى تلك التي تحالفت معه بالثلاثي وربما لم يرق له طريقة عض تصرفها الضيقة ببعض الملفات .. مما جعله ينتفض بطريقته المعهودة ليضع الجميع على المحك والاختبار الحقيقي .. ليبلغهم بان العراق لا يمتلك فرصة وفسحة من التوافق والمحاصصة المؤدية الى فساد جديد .. ولا يمكن قبول ذلك تحت أي عذر وتبرير .. لا شعبيا ولا حزبيا ولا مرجعيا ولا داخليا ولا إقليميا ولا دوليا ..
فجاءت الاستقالات ضمن هذا المنظور كفرصة أخيرة لتصحيح المسار ومكافحة الفساد والنهوض بملف الإصلاح .. الذي سوف لن يكون الصدر وكتلته بعيدة عنه حتى وان كانوا خارج البرلمان ، فحضوره الميداني هو الأقوى والأكثر استعداد وتاهبا وتاثير .. برسالة واضحة تحمل في مضامينها الإصرار على المضي في ذات الهدف المتمثل بحكومة قوية بأغلبية تبتعد عن الفساد وتقرر الإصلاح الحقيقي .. والا فان كل شيء قابل للتغير والتعديل خلال ساعات وفقا لطريقة ورؤية السيد المعهودة ..
من هنا يجب ان ينظر الى خطوت التيار باعتبارها رسالة واضحة المعالم يخطيء الظن من لا يجيد فهمها والعمل بموجبها وطنيا قبل ان يتصرف حزبيا او مذهبيا او قوميا .. فالعراق والعراقيين يترقبون والعالم معهم .. فهل من قراءة وفهم للواقع بصورة جديرة بالتعاطي والتخلي عن عواهن ماضي قريب .. ومن ثم السير نحو عراق يتوق له الجميع قبل الطوفان .. والله ولي الامر .. !!