-1-
جرت العادة منذ العهود القديمة أنَّ أصحاب المناصب العليا والنفوذ الكبير يكثر مَنْ يدور حولهم من الرعاع ويتفنن في خدمتهم ، واظهار حُبِّهِ وولائه لهم شراذِمُ من سائر الطبقات .
انّ كل المظاهر التي تشي بالتقدير والاجلال والحُبّ والاخلاص مرهونةٌ بالمواقع التي يحتلونها فمتى ما زالت عنهم زالت تلك المظاهر بأجمعها ، واختفت عن المسرح الاجتماعي .
قال الشاعر :
ما الناس الاّ مع الدنيا وصاحِبِها
فكلما انقلبتْ يوماً به انقلبوا
يعظّمون أَخَا الدنيا فانْ وثبتْ
يوماً عليهِ بما لا يشتهي وثَبَوُا
-2-
ومن الحكايات البليغة في هذا الباب حكاية الوزير (ابن مقلة) صاحب الخط الشهير .
لقد احتال احد اليهود وزوّر خطه وضمنّه اسراراً للدولة أدّعى انه كتبها للأعداء ، ثم جهد على ايصال الكتاب الى الخليفة ، فلما وقف عليه أمر بقطع يد الوزير .
كان الوزير (ابن مقلة) يستعد للعيد حيث وصل الكتاب الى الخليفة يوم عرفة ، فلما قطعت يدُه وأصبح يوم العيد لم يأت أحدٌ اليه ، ولا توجع له ابن انثى ..!!
ثم اتضحت القضية أثناء النهار للخليفة، فعاقب اليهودي المحتال بالقتل وأرسل الى (ابن مقلة) أموالاً كثيرة وندم على ما فعل ، واعتذر اليه
فكتب ابن مقلة على باب داره :
تحالفَ الناسُ والزمانُ
فحيثُ كانَ الزمانُ كانوا
عاداني الدهرُ نصفَ يومٍ
فانكشفَ الناسُ لي وبانوا
يا ايها المُعْرِضُونَ عنّي
عُودوا فقد عادَ لي الزمانُ
-3-
انّ المغترين تنتظرهم غِيَرُ الزمان ، وتنقلهم الى مواقع جديدة يذوقون معها طعم المعاناة المرّة ويندمون ولن يجديهم الندم حينذاك .
-4-
حذارِ من سَكْرة السلطة ،
وحذار من سكرة الغفلة ،
وحذار من سكرة الغرور .