مرة سألت طبيباً عن أهمية وجود سيكائر ذات نيكوتين أقل، وهل ينصح بها المدخنين، وعن رأيه بالسيكارة الالكترونية، قال انه أذى أخف من أذى. ثمّ أردف هل وضحت الصورة أم تحتاج الى تفاصيل؟
قلت له: هل يمكن تشبيه التدخين هنا بالعملية السياسية بالعراق، إذ يظهر على الناس بين فترة وأخرى سياسيون يقولون بشتى الطرق والاعلانات والتصريحات: نحن الاصلح، وسوف نعدل الاعوجاج، ونصحح المسار ونحاسب الخارجين على القانون. حتى ننسى انهم يتحدثون عن اعوجاج عملية سياسية هم جزء منها طوال عقدين من الزمن، ومسار هم سالكوه قبل سواهم، وقوانين مرّ اللعب بها أمام عيونهم إن لم يعبثوا مع العابثين بها.
ومع ذلك، يقول عراقيون لنجرب هؤلاء ربما كانوا أحسن من السابقين، او انّ قضاء أخف من قضاء، ما دمنا أسرى الوضع البائس، والخيارات لم تعد كثيرة أو متاحة اصلاً.
اذن، نيكوتين اقل يعني انه ضرر اقل، انها نتيجة نجدها متاحة في المشهد السياسي أين ما التفتنا.
نستطيع ان نلاحظ ذلك الواقع المزري في المحافظات او الوزارات، حين يقول المواطن بكل عفوية انّ هذا المحافظ اهون شراً أو لصوصية من سابقه، أو انّ هذا الوزير سرق مثل السابقين لكنه صنع أمراً حسناً واحداً ليس مثلهم، فيمرّ ذكره حاملا شهادة حسن سلوك تؤكد انه حرامي مخلص في عمله ليس مثل سواه، يا لسخرية الاقدار.
هل هذا هو الوضع الصحيح الذي يتيح فرصة لبناء بلد، لا يزال يحلم بتيار كهربائي مستقر لا ينقطع ساعة واحدة، ووقوداً رخيصاً في بلد نفطي ينبغي ان يبني المصافي الجديدة بدل ما تهدم في الحروب او أستهلك في سنوات الخدمة؟
لا أحد يريد أن يسمع سؤالاً ساذجاً من الزعماء او الشعب الأسير أيضاً، مفاده: ما هو الحل؟
لأنّه هو السؤال الوحيد الذي يحمل اجابته معه، ويعرفها الجميع.
وسمعت من الطبيب أيضاً انّ النيكوتين الأقل قد يعني في بعض الحالات تأخير الأجل المحتوم بسبب التدخين شهرا او شهرين، أو ما شاءت إرادة رب العالمين.