اخترت النازيون وزعيمهم هتلر كونهم الأسوأ دون سواهم بين الحكومات عبر التاريخ، لكن هل تعلم حكومتنا بأن فترة حكم النازيون كانت 12عاماً مقسمة الى نصفين كان الأول من العام 1933الى 1939زاهراً بالنسبة للشعب الألماني؟ فهل ستكون هناك فترة ونحسبها لكم؟ ام حتى النازيون أفضل منكم؟مهزوم يقود مهزومين : قاد هتلر المانيا التي خرجت مهزومة بعد الحرب العالمية الأولى، وهنا يكون لزاماً ان استذكر رأي الفيلسوف الألماني المعاصر انتسنسبيرغر (Enzensberger) والذي يطرح سؤالاً مهماً جداً يقول فيه (ماذا سيحدث لو ان المهزوم المتطرف تغلب على عزلته وانضم لمجموعة من اقرانه؟ ماذا سيحدث لو عثر على سقف يأوي مهزومين من امثاله يرحبون به ويحتاجوه؟) ويجيب هو على نفسه فيقول (ستتعاظم الطاقة الكامنة الهدامة وسيتضاعف تطلعه للانتحار وسيزداد شعوره بالعظمة وأن شعوره بأنه قد أمسى سيداً وبيده مصائر الناس سيحرره من مشاعر الهزيمة والعزلة).كان هذا بالضبط شعور هتلر ومعه الالمان بعد خروجهم مهزومين من الحرب العالمية الأولى وبالأخص بعد معاهدة فرساي التي اعتبروها مذلة جداً. النصف الأول من حكمه: اول شيء فعله هتلر كان مهلة زمنية طلبها من شعبه ووعدهم فيها ان يقضي على البطالة وان ينقذ اقتصاد المانيا.ابتدأ هتلر عمله بتشجيع المتزوجات من النساء العاملات على ترك العمل والبقاء في المنازل مما وفر فرص عمل للعاطلين وفي الوقت نفسه شجع هذا القرار رجال الاعمال على إعادة توظيف العمال، كما وركزت حكومته على إعادة بناء الجيش وتعزيز الترسانة العسكرية عن طريق صناعة السلاح وقد قامت حكومته بتشجيع قرابة 3 آلاف شركة على دعم ومساعدة الحكومة الألمانية في تصنيع السلاح.واهم قرار اتخذه هتلر هو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب مبتعدا عن حلقته من المقربين فكان اختياره لرجل اقتصادي من خارج حزبه هو الدكتور يالمار شاخت (hjalmar schacht). رفض شاخت الطرق الكلاسيكية مثل الاقتراض الخارجي او طباعة المزيد من العملة واعتمد نظام سندات “ميفو” وهي سندات حكومية تمنح للمواطنين قابلة للسداد على خمس سنوات، وعند حلول العام 1939 بلغ مجموع ما اشتراه المواطنون من هذه السندات هو 12مليون مارك.وهكذا فإن معدل البطالة انخفض بمقدار الثلث بعد مرور سنة واحدة على حكم هتلر، وبعد سنة ونص انخفض الى ثلثين، وفي عام 1936كان هناك فقط مليون عاطل عن العمل، واخيراً وجد الالمان أنفسهم عام 1939 بأنهم بحاجة الى نصف مليون عامل الامر الذي يعد تحولاً كبيراً للوضع الاقتصادي بشكل عام. بالمجمل فإن معدل الأجور للعامل ارتفعت في المانيا تقريبا25 بالمئة مع تشديد حكومي في الوقت نفسه على الملاكين بمنعهم من رفع ايجارات السكن كما وان الوزير شاخت قام بتوظيف المال الذي جنته الحكومة من خلال السندات وارباح الشركات لتقليل المدفوعات الحكومية كالماء والكهرباء إضافة الى تخفيض الضرائب بدلاً من رفعها. القائمة تطول جداً كون ان حكومة هتلر وبفضل الكفاءات التي تضمها وعلى رأسهم شاخت حققت نجاحاً باهرا في قطاع الصحة والتعليم والسياحة وباقي الخدمات وفوق كل شيء الصناعة الألمانية التي أصبحت الأولى عالمياً.ودخل بعدها الألمان في حقبة النصف الثاني من حكم هتلر والذي افتتحه بإشعال الحرب العالمية الثانية، وطبعاً يأتي هنا دور الإعلام البريطاني ومعه الأمريكي في تسليط الضوء على النصف الثاني فقط دون ذكر ما تميز به النصف الأول من إنجازات والدليل على كلامي هذا هو أن اسم النازية أصبح مقترناً بالهولوكوست. أما حكامنا فأقول لهم:اولاً : لسنا مهزومين ولسنا بحاجة لمن يقودنا كمهزومين كي نتمنى النجاح بعد الهزيمة ومن ثم نقفز بواقعنا.ثانياً : هل من المعقول ان لا يكون احداً منكم قد قارن بين اداءكم وأداء أكثر الحكومات دماراً لبلدانها؟هل بحثتم عن شاخت النسخة العراقية؟الجواب لا، وانما اعتمادكم اقتصر على مقربيكم. هل دعمت المواطن بالتمويل؟ هل وفرتم العلاج والغذاء؟ هل نهضتم بواقع الصناعة؟ كل الأجوبة هي لا، بل حتى البطاقة التموينية أصبحت بفضلكم من بين ذكريات العراقيين.أما نجاحكم الوحيد فهو عندما حولتم الشعب من متفائل بسقوط الصنم الى اكبر مهزوم في التاريخ.