إشارة ملك الأردن واضحة وفي الصميم في أنّ عدم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الممكن ان يضرب جهود أي حلف في الشرق الأوسط من المؤمل أن يقوم. ويمكن ان يضاف الى ذلك ملف ايران في المنطقة، إذ يستطيع هذا الملف أن يجر معه ملفات العراق وسوريا ولبنان ويعيد فتحها على واقع جديد، مادام هناك غياب للاتفاق النووي الإيراني ، ووجود مفاجآت تنطوي عليها حلقات أخرى من الصراع ما بين إسرائيل وايران عبر استهدافات معينة واغتيالات في مجال علماء ورجال المفاعلات النووية والأسلحة، وهو الامر الذي تدرك تركيا مديات تفاعلاته عبر التحذيرات التي تخص اغتيالات محتملة قد تتخذ من الأراضي التركية ميدانا لها.
كذلك وجود إحساس في طهران مع تفاقم الملف النووي انّ أي حلف في المنطقة سيكون حلفاً سُنياً بالمعنى السياسي الاستراتيجي لمواجهة الخط الشيعي المفتوح ما بين طهران وبغداد ودمشق وجنوب لبنان.
لا تنمية اقتصادية انفجارية كما تطمح لها السعودية القوة الأكبر في السياق الميداني الإقليمي مع استمرار المخاوف الأمنية من قيام إيران بدفع الصراع الى مواجهة بديلة عن الفشل في الاتفاق النووي المتعثر والغامض حتى اللحظة مع واشنطن.
اذن المأزق الأساس هو ايران وحسم وضعها، بالاتفاق النووي او التفاهمات الإقليمية، ولا ندري إن كانت جولات المباحثات الإيرانية السعودية في بغداد تصب في خدمة التطمين والتهدئة من المخاوف المذكورة ام أنها تخص أموراً فنية ثانوية بين البلدين، ويمكن ان ينجلي الموقف اذا وضعت حرب اليمن أوزارها وتطورت الهدنة الحالية الى عملية سياسية حاسمة لوضع اليمن واستقراره، وهذا احتمال ليست له علامات واضحة حتى الآن.
أين موقع التطبيع مع إسرائيل وسط هذا التقارب والتوجه نحو مسارات مشتركة في حلف جديد في الشرق الأوسط؟ ذلك سؤال آخر ، ربّما سيكون مادة للجدل بعد انتقال جو بايدن بطائرته الرئاسية من تل ابيب الى الرياض في زيارته المرتقبة في منتصف الشهر المقبل.
لا توجد طبخة واحدة محددة ومنظورة في المنطقة. توجد قدور عدة مكشوفة الأغطية وأخرى مغطاة على نيران مختلفة، تنتظر أوان أن تنضج محتوياتها، في مواجهة عقبة مفادها انّ هناك فروقاً زمنية محتملة، وربما اكيدة، بين مدة نضج قِدر وقِدر آخر.
ثمة حاجة الى نظرية الأواني المستطرقة في الميدان السياسي، وهذا من الصعب تحقيقه وسط هذا الغموض لدى الجميع من الخطوة التالية