لعدة سنوات، كان كل من المرجع الاعلى السيد السيستاني والمرحوم مام جلال يقومان بدور صمام الأمان للعملية السياسية ولإستقرار العراق، المرجع عبر توجيهاته وتلميحاته والمام عبر ادارته للتوافقات السياسية.

ورغم صعوبة تلك السنوات، الا ان العراق عبرها بسلام، كانت التضحيات كبيرة جدا لكنها جزء متوقع لحالة انتقال تاريخي، ليس فقط للعبور من حالة استبداد فردي حكمت العراق والمنطقة لآلاف السنين الى حالة ديمقراطية نادرة، وانما ايضا لتسجيل حضور وحقوق فئات وشرائح لطالما كانت مهمشة ومغيبة ومضطهدة رغم ثقلها السكاني والجغرافي ودورها في بناء الدولة العراقية الحديثة ووجودها التاريخي الذي لا يستهان به.

في هذه الايام، علينا استذكار دور هاتين الشخصيتين، واذا كان الجميع ليس له الا الخضوع لرغبة المرجع الاعلى في الابتعاد عن التدخل المباشر في العملية السياسية، فإن القوى السياسية ملزمة باعادة الاعتبار لمنصب رئيس الجمهورية ما دامت هي القادرة دستوريا على تشخيص من يتسنم هذا المنصب الحيوي.

لقد رحل مام جلال عن هذه الحياة مثل كل انسان، ورغم استحالة استنساخ الشخصية الانسانية لكن مواصفات الاداء السياسي يمكن ان تنتقل عبر الفهم والوعي والاخلاق.

يحتاج العراق في المرحلة الراهنة والسنوات القادمة الى شخصية حكيمة وهادئة قادرة على التعامل مع التناقضات العراقية والتواصل مع كل الاطراف بما يؤدي الى استعادة منطق التوافق بين الفرقاء العراقيين، وهذا الشخص هو تحديدا من يجب أن يشغل منصب رئيس الجمهورية ولا مكان له في السياق الدستوري غير هذا الموقع.

اثبتت الدورة الماضية، ان محاولة رئيس الجمهورية للتحول الى طرف سياسي منافس يتلاعب بالاحداث ويناور لتحقيق مصالح شخصية يؤدي الى نسف أهمية هذا الموقع ودوره، فالمنصب يحتاج الى الحكمة أكثر مما يحتاج الى التلاعب والتدخل والانغماس في المناورات.

وبما ان قوى الاطار التنسيقي هي الممثل الوحيد للمكون الاكبر في العراق، وتمتلك المقاعد الاكثر في البرلمان، ولأنها ستكون المسؤول الاول عن تشكيل الحكومة فعليها ان تكون حاسمة في اختيار رئيس الجمهورية بالتشاور والتوافق مع القوى الكردية، بانتقاء شخصية غير جدالية ولا تسعى الى عقد الصفقات ولا تحريك وتهييج الشارع او استمالة طرف سياسي على حساب آخر.

ان استعادة دور صمام الامان للعملية السياسية خلال المرحلة الراهنة اصبح ضرورة حيوية وحاسمة وعلى كل الاطراف السياسية العمل على تحقيق هذا الهدف باختيار شخص لا غبار على مسيرته ولا جدال في اهدافه.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *