-1-

من الظواهر الاجتماعية التي ليس بمقدور أحد نكرانها انك تجد الكثيرين يتهمون غيرَهُم بما فيهم حتى كأنهم المبروءن مما انطووا عليه !!

وهنا تكمن المفارقة المرّة .

-2-

والسؤال الآن :

ما الذي يجعلهم من أهل الاحجاف البعيدين عن الانصاف ؟

أهو حبُّ الذات والنرجسية ؟

ام التفاوت الكبير بين الطرفيْن في المكانة والجاه والتوفر على الاموال وما يصاحب ذلك عادة من غرور ؟

أم هما معا ؟

انّ الابواب مفتوحة على مصاريعها لاحتمالات عديدة تبدأ بالحقارة والدونية وتنتهي بالاستقواء بالسلطة .

-3-

ومخطأ مَنْ يظن انه يستطيع أنْ يخدع الناس بأحابيلِهِ وأباطِيلهِ على المدى الطويل .

-4-

وفي التاريخ حكايات وقصص لا تخلو مِنْ طرافة .. تشير الى انكسارات المجحفين بحق الآخرين وهزائمهم المرّة .

ومن ذلك قصة الرجل الثريّ الذي شيّد قصره الى جانب كوخ تملكه امراة عجوز، وقد بذل لها اضعاف قيمة الكوخ ليزيله عن موضعه فلم تقبل، فاستعان الثريّ بالقضاء وقال لها :

” سأحجر عليك لسفاهتِك حيث ضيّعتِ مائتي دينار لما يساوي عشرين ديناراً ”

كان هذا يوم كان الدينارُ ديناراً وكانت له قوتُه الشرائية العالية ولم تكن القضية ايام انهيار اسعار الدينار ..!!

وجاء الجواب مِنَ العجوزَ مُفْحِماً حيث قالت له :

لِمَ لا تحجرُ على صاحب القصر ؟

(اي لم لا تحجر على نفسك) حيث تشتري ما قيمته مائتا دينار بما يساوي عشرين ديناراً ؟

وبمعنى آخر :

لماذا تَتهِمُنِي بالسفاهة وتنسى نفسك ؟

وبهذا رد القاضي دعوى الثريّ ولم يُجبرْ العجوز على بيع كوخها، وللقصة اشباه ونظائر تجري على المسرح الاجتماعي يومياً يحاول فيها الاقوياء اتهام الضعفاء بما هو فيهم ايضا ..!!

-4-

وقصة طاهر بن الحسين – وهو أحد قوّاد المامون – مع الرجل الاعور الذي التقاه حين خرج الى الصيد معروفة .

لقد كان (طاهر) أعور العين ، وخرج ذات يوم للصيد فالتقى عند باب المدينة برجلٍ اعور فأمر باحتجازه تشاؤماً منه ..،

وحين عاد من الصيد ظافراً بحصادٍ وفيرٍ ناداه الرجل المحجوز قائلا:

يا طاهر :

أينا أشأَمُ على صاحبه أنا أم انت ؟

لقد أصبحتُ اليوم بوجهك فوقعت في الحجر ،

واصبحتَ انتَ بوجهي ففتح الله عليك هذا الرزق الكثير .

وضحك طاهر بن الحسين من كلامه وأمر باطلاق سراحه وانعم عليه .

-4-

ومشكلة العراق الجديد انّ كبار الفاسدين والناهبين للثروة الوطنية فيه ينددون بالفساد ويتوعدون عليه الفاسدين ، حتى كأنهم ليسوا منهم، مع انّهم من حيتان الفساد الكبرى ، وهكذا تستمر مهازل الضحك على الذقون في أبشع مشهد يندى له الجبين خجلا …

-6-

لن يفلت الفاسدون من المساءلة والحساب طال الوقت أم قصر ، لانّ اصرار الشعب على انتزاع امواله المغتصبة لا يسقط بالتقادم …

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *