لم تكن الاحزاب المشاركة بالعملية السياسية هي الوحيدة التي تفاجأت بقرار السيد مقتدى الصدر بدعوة نواب التيار الى (الاستقالة) بل ان نواب التيار وانصارهم اصيبوا ب(صدمة ) كبيرة وبقوا في ذهول عبر عنه الدكتور اياد علاوي في الحوار الذي اجري معه والذي اكد على (ذهول حاكم الزاملي وحيرته ) وتذمر (النائبين الصدرين الاخرين )اما مانسمعه عنهم بشكل مباشر فقد يكون اكثر بكثير ،ولهم الحق بذلك فهم ايضا لهم شخصيتهم ومكانتهم الاجتماعية.
الانتخابات التشريعية (المبكرة) صممت وكأنها لاثنين هما (التيار الصدري )و(المستقلون) خاصة في قانونها الانتخابي الجديد .
جراء ذلك بات الظهور الاعلامي للنواب الصدريين واضحا ومتميزا وبخطاب يؤكد على امرين الاول (الحصول على مائة مقعد )والثاني (منصب رئيس الوزراء من حصتهم )!
بعد سلسلة انصالات واستبيانات ظهر للسيد الصدر انه ذهب بعيدا واستحالة الحصول على
الرقم المطلوب وان الحد الاعلى امكانية الحصول على (35) مقعدا فقط !هذا مما دفع بالسيد مقتدى الى الانسحاب من الانتخابات ،
ول(حسن النية) وقناعتهم ان السيد الصدر يمكن ان تؤثر به المواقف (النبيلة) اتجهت بعض الشخصيات (الشيعية ) الى الحنانة باقناعه بالعدول عن رأيه .
عودة السيد مقتدى ،فيها شيء من الغرابة ايضا بين العدول 100% وبين العودة بذات السرعة .
الذي دفع السيد مقتدى للمطالبة ب(100) مقعد ومنصب رئاسة الوزراء ليس طمعا بمقاعد او مناصب فهو (والحمد لله ) وكما يقال(محوش )على السلطات الثلاث !!
استطاعت بريطانيا بعد ان استلمت الملف العراقي وعن طريق الكويت وبالتنسيق مع السعودية الى اقناع (مقتدى )بامكانية تشكيل امارة (اسوة بامارة الكويت والبحرين وقطر وعمان ) في حدود (جغرافيا الشيعة ) وان تسمى (امارة ال الصدر ) وان تكون الزعامة
السياسية والدينية بيد هذه الاسرة .
واقنعوه بدعم دولي خليجي خاصة وانها ستحدها السعودية والكويت والمناطق العربية
داخل ايران ،وتأخذ جزء من صلاح الدين وديالى ونصف بغداد ،وله اطلالة بحرية على الخليج .
هذا المشروع ملأ اذن السيد مقتدى ولم يصارح به احدا من قادة التيار الا في حدود من هم محسوبون على (خط الخليج ) و(الغرب )!
لكن انصار التيار كانوا متفاعلين بالاستيلاء على السلطة بحصولهم على ال(100) مقعد ومنصب رئاسة مجلس الوزراء خاصة وانهم يريدون ان (يقصوا )حزب الدعوة الذي لهم معه تاريخ من الخلاف عن (المنصب ).
كما ويستفيدون من انزعاج جمهور الشيعة من الاحزاب الشيعية الاخرى باعتبارها فشلت في ادائها ،كما ويستفيدون من تداعيات تظاهرات تشرين التي هدمت اجزاء من (البيت الشيعي ).
خلال هذه الفترة حدثت الامور الاتية :-
-وصول رسائل من دول خليجية الى قادة المقاومة بعدم تدخلهم بالمشهد السياسي العراقي بسبب صواريخ المقاومة التي طالت السعودية والامارات وهروب رؤوس اموال كثيرة
من الامارات الى قطر وعمان .
-اعلان اميركا رغبتها بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط وسحب صواريخ الباتريوت من السعودية .
-تصاعد ضربات انصار الله الحوثيين على المنشآت السعودية وكذلك طال منها الامارات .
-تداعيات مقتل قاشقچي على العلاقة بين السعودية وامريكا وتركيا .
-تصاعد الخلاف بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي .
-هروب امريكا من افغانستان .
-تصاعد قوة الصين
-بدايات التحرك الروسي الحدودي مع اوكرانيا .
-تدهور الوضع الداخلي الاميركي .
-صعود اليسار في اميركا اللاتينية .
-معركة (سيف القدس) وهزيمة اسرائيل على يد المقاومة الفلسطينية .
-تطور المفاوضات في الملف النووي الايراني .
-خيبة لدى اوساط (تشرين )بسرقة جهودهم .
لاشك ان هناك تداعيات اخرى لامحال لذكرها .
كان للتدخلات الخارجية وخاصة الامم المتحدة
الدور بتصميم (نتائج )كيفما تعاملت معها فهي (فتنة ) .
المخطط الذي صمم(امارة ال صدر )كذلك صمم (امارة الانبار ) بعد دفعات مالية اماراتية سعودية الى الحلبوسي واعلام تبنته (قناة الانبار )ليتم تسويق الحلبوس بنفس الطريقة التي تم فيها تسويق (صدام )اعلاميا ،ليكون هو اميرا عليها .
اما منطقة الاقليم فيتم التعامل معها كواقع
حال لان مشروع انفصالها موجود وازلي .!
كان (مقتدى )يعتقد ان بامكانه ان يذهب الى (الامارة) بخطا واثقة وقد غنم ال(73) مقعدا وضمن الموقف البريطاني وامير الامارة ابن عمه الذي صنعته بريطانيا كما يتم فصال (البدلة ) وفق المقاسات المطلوبة ،في ذات الوقت فان مسؤولي مكاتب التيار الذين (قضموا اللحمة المحمصة ) استطاعوا ان يفصلوا انصار التيار الشيعي خطوة فخطوة عن بيئتهم حتى باتوا يسمونهم (سنّة الشيعة ) اما فيما بينهم فيقولون (الشيعة المعتدلون).
ولقنوهم الكراهية ل(ايران -الحشد -المقاومة)
كما جعلوهم في منأى عن الخطاب الشيعي تماما ولايتابعون المنصات الاعلامية الشيعية
بقدر متابعتهم ل(قناة الشرقية )وامثالها والاكثر من ذلك يشتمون الرموز الشيعية !!
الظروف المستجدة ،دفعت بالديمقراطي والحلبوسي ان يبلغا (مقتدى ) ان مشروع تهميش (الاطار )مشكلة لايمكن القفز عليها
كما ابلغته (السفارات )ذلك ،معتقدا ايضا
ان وراء قرارات (المحكمة الاتحادية ) في قضية
(الثلث المعطل) جهات خارجية متهما (ايران )
في ذلك ،وهذا مااورده باكثر من تغريدة والتي اخرها (بيد انه هناك من يسميه (اذرع ايران )
تمارس انتهاكات سياسية ضد القضاء )
ادرك (مقتدى )ان هناك طريقا واحدا للعملية السياسية وان (الارادات الخارجية )لاتريد صناعة الفوضى بالعراق ،وعليه تأجيل مشروعه للانتخابات المقبلة .
خسر (مقتدى )الكثير من سمعته بعد ان عمل بالنيل من الحشد الشعبي والمقاومة وايران وبفت (البيت الشيعي)والذهاب بعيدا عن (طائفته)،كما احس ايضا بخطورة ذلك ،بعد ان وصل الى سمعه ان قيادات كثيرة بالتيار قد تعلن عن (الانفصال)،وان جمهور ليس بالقليل من التيار غير متفاعلين مع هذه التوجهات وغير راضين ايضا ،حتى قال احدهم (اعتقد السنة حتى بالاربعينية ماراح نشارك يجوز يگولونه حرام )!وتساءل اخر (ايران حدودها مفتوحة لنا ودون فيزا ..فهل ابواب الخليج مفتوحة لنا ؟)
ادرك (مقتدى )انه عبأ انصاره بالشكل الذي اصبحوا فيه جاهزين لحرب اهلية مع جمهور الاطار التنسيقي ،وان الاعلام (السني والاميركي)
يدفع بهذا الاتجاه ،وان المرجعية غير منسجمة مع مخططه رغم الوعود السعودية الكثيرة ،
كما احس بان بعض قياداته و(موظفيه)باتوا
يتلقون (رشاوى)خليجية دون علمه ،وبعضهم
اصابهم الغرور وقد بتجاوزون قراراته وسطوته
فاختار (الهزيمة)بنفسه قبل ان (يُهزَم ).