هل‭ ‬تستطيع‭ ‬حكومة‭ ‬عراقية‭ ‬جديدة‭ ‬مقبلة‭ ‬مواصلة‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬ايران‭ ‬والسعودية؟‭ ‬وهل‭ ‬كانت‭ ‬“العلاقات‭ ‬الشخصية”‭ ‬ذات‭ ‬اثر‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬المتنافستين؟‭ ‬والاجابة‭ ‬على‭ ‬السؤالين‭ ‬ترجع‭ ‬بنا‭ ‬الى‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬العراق‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬حساب‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬واحدًا‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الرياض‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬ولادة‭ ‬وساطة‭ ‬امراً‭ ‬صعباً‭ ‬مع‭ ‬حكومات‭ ‬انخرطت‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬خلافية‭ ‬مع‭ ‬معظم‭ ‬العرب‭ ‬لاسيما‭ ‬السعودية‭.‬

‭ ‬برغم‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬هذه‭ ‬الوساطة‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬اثراً‭ ‬مرجحاً‭ ‬حاسماً‭ ‬للعراق‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران،‭ ‬ولكنّه‭ ‬دور‭ ‬يحتاجه‭ ‬البلدان،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الأمور‭ ‬تسير‭ ‬نحو‭ ‬نهايات‭ ‬متقاربة‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭.‬

أي‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مباشر‭ ‬سيقود‭ ‬الى‭ ‬التهدئة‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تميل‭ ‬فيها‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط‭ ‬الى‭ ‬التسويات‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأنواع،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنّ‭ ‬التقارب‭ ‬الإيراني‭ ‬السعودي‭ ‬سيخفف‭ ‬من‭ ‬حساسية‭ ‬ناتو‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬الولادة‭ ‬في‭ ‬توجهاته‭ ‬نحو‭ ‬إيران‭ ‬بوصفها‭ ‬نقطة‭ ‬الخلاف‭ ‬أو‭ ‬المواجهة‭ ‬الوحيدة‭.‬

النقطة‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬إيران‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الإيجابي‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬تجري‭ ‬عملية‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية‭ ‬وتقصد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬صحيح‭ ‬في‭ ‬عنوانه،‭ ‬ولكنّه‭ ‬غير‭ ‬مجرّب‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬إذ‭ ‬لاتزال‭ ‬المعطيات‭ ‬تؤكد‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬منطقاً‭ ‬لهيمنة‭ ‬القوة‭ ‬الايرانية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬ضمانات‭ ‬لعدم‭ ‬توسيع‭ ‬هذه‭ ‬الهيمنة‭ ‬او‭ ‬الحد‭ ‬منها‭.‬

مبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬قائم‭ ‬وجودها‭ ‬على‭ ‬التدخلات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحويله‭ ‬الى‭ ‬واقع‭ ‬معاش‭ ‬وخال‭ ‬من‭ ‬المعوقات،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التكيف‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬للدول‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬الى‭ ‬حاصل‭ ‬الفائدة‭ ‬التي‭ ‬ستعود‭ ‬عملياً‭ ‬الى‭ ‬العراقيين‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬دور‭ ‬التصالح‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بل‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬فوائد‭ ‬بمثابة‭ ‬جوائز‭ ‬تقديرية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بها‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اكتمال‭ ‬نجاح‭ ‬وساطتها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والامن‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وتعميق‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بشكل‭ ‬تضامني‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬والحقوق،‭ ‬لاسيما‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬الخلاف‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬للعراق‭ ‬دور‭ ‬أساس‭ ‬فيها‭ .‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *