القصة فن من فنون الأدب الرفيع ، لها مقوماتها وخصائصها وميزاتها .. تبدأ بفكرة ثم بحدث من نسيج الخيال أو من أرض الواقع .
الأسلوب الذي ترتكز عليه القصة هو ما يجذب القارئ اليها ليستسيغها ويحس طعمها لتكون له منارا وهديا .
أتراها مجرد متعة من غير جدوى وراء ذلك ! أم أن لها هدف يسمو بها الى الأعالي !
الحق أن القصة الهادفة قد تصور مشهدا يفعل في النفس فعله لما له من تأثير يخلب الألباب ، قد يكون هذا المشهد عاطفيا أو اجتماعيا أو انسانيا ، لكنه لا يخلو من اثارة تدغدغ المشاعر وتثير الأحاسيس لدى المتلقي .
انه فن القصة هو من يحرك الساكن ليتفاعل معه التفاعل السحري الذي لا مناص منه .
ومع ذلك تبقى القصة طارئة دخيلة ان فقدت أحد عناصرها سواء كانت فكرة أو حدثا أو أسلوبا .
ذلك لأن الفكرة هي المحور الذي تبدأ به القصة ، أما الحدث فهو شعلة القصة ونارها المستعرة ، وأما الأسلوب فهو نبضها وروحها ، ومن دونه تفقد القصة بريقها وتألقها .
هذه قصة يوسف في القرآن بأسلوبها الرباني كيف وقع كلماتها على القارئ لتبهر عقله وقلبه .. كيف هي من قصة فريدة تترك أثرها قويا حادا في النفس .
وهذه قصص الأدباء الكبار كيف تهز الضمير والوجدان باسلوبها الرشيق وفكرتها المتدفقة .
ألم يكن ( موبسان ) رائد القصة القصيرة بما حمله قلمه من تأثير شديد يترك صداه في نفوسنا .. وكذا الحال في قصص مارك توين الذي أجاد وأبدع في وصفه للحدث باسلوبه المتألق .
وهذا نجيب محفوظ الذي جعل من القصة العربية فنا رفيعا يسمو الى الأعالي بحبكته وجماله وروعته .
انها القصة الهادفة تنفل لنا الصورة بصدق سواء بحزنها أو سرورها ، بألمها أو بهجتها ، فيخفق لها القلب خفقانا ينم عن مدى التفاعل بين الكاتب والقارئ .
هذه قصة تنقلك الى أجواء رومانسية تحت ظلال طبيعة ساحرة ، يتصاعد فيها الحوار بين عاشقين ، يتحدثان حديث الحب ولواعجه ، لتطبع هذه القصة بصمتها على جزء من كيانك .
وهذه قصة أخرى تنقلك الى الصراع الخفي الذي يدور في أعماق امرأة خانها زوجها وأساء الها الاساءة التي لا تغتفر .
وها أنت يثور بركان في أعماقك .. تتألم وتتحسر لهذا الموقف الرهيب الذي فيه رائحة الغدر والخيانة .. وتلك قصة تنقل لك معاناة من هجروا وطنهم فرارا من القتل ليعيشوا تحت أجواء الغربة في كل عذاباتها النفسية .
وقصة رابعة ترسم لوحة من لوحات العقوق لأبناء لم يكونوا أهلا لرد الاعتبار أو الوفاء لآبائهم ، فكيف يكون رد فعلك ازاء هذا الموقف وأنت تقرأ سطور هذه القصة وتفاصيلها ؟
ترتكز أكثر القصص القصيرة على شخصية واحدة وعلى حدث واحد بخلاف الرواية التي تتعدد فيها الشخصيات والأحداث .
في القصة يتخللها أحيانا حوار داخلي حيث تكون المناجاة مع النفس والصراع الدائر في أعماقها ، وهذا ما يزيدها نجاحا وديمومة كما أن عنصر المفاجأة في القصة على غير توقع من المتلقي يعطيها بعدا آخر من المحاسن .
والناقد الحق هو من يفصل كلمته فيما اذا كانت القصة قد أوفت بشروطها اللازمة أو أن ثمة خلل في حبكتها ، هو من له عين مبصرة في الحكم عليها ان كانت قد نجحت في رسم أهدافها أم أنها خابت في تحقيق تلك الأهداف .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *