يعتقد بعض العراقيين ان سبب اندلاع ثورة العشرين هو قيام السيخ ضاري بقتل القائد البريطاني لجمن وهذا مجافي للحقيقة لان قتل لجمن جاء بعد اندلاع الثورة في الرميثة والفرات الأوسط بأكثر من شهر حيث قتل لجمن يوم 12 آب 1020 وسنأتي على هذه الحادثة, وأسباب اندلاع ثورة العشرين عديدة لكن السبب الرئيسي هو تمادى البريطانيون في سياسة القمع ولم يوفوا بوعودهم للشعب العراقي وكُشفت نواياهم في إخضاع العراق للانتداب البريطاني عندها عقد شيوخ عشائر الفرات الأوسط والمنتفك اجتماعاً في بيت الشيخ هادي المكوطر احد شيوخ لواء الديوانية وتدارسوا القيام بثورة شعبية كبرى وقد اقترح بعضهم تأجيل الثورة حالياً لحين للقيام بتوعية شعبية لتهيئة أبناء الشعب والعشائر للثورة لكن الأحداث على الساحة كانت تتسارع لتأتي حادثة اعتقال الشيخ شعلان أبو الجون شيخ عشيرة الظوالم في ناحية الرميثة في السماوة يوم 30 حزيران 1920 لتشعل الشرارة الأولى للثورة فقد قام حاكم لواء الديوانية البريطاني بإرسال مبعوث الى حاكم ناحية الرميثة يطلب منه إرسال رؤساء عشائر الرميثة وعلى رأسهم الشيخ شعلان أبو الجون والشيخ غثيث الحرجان بحجة ان عليهم ديون للحكومة البريطانية عن الأراضي الزراعية لم يسددوها والحقيقة انه أراد الانتقام منهم لأنهم يحرضون العشائر للقيام بالثورة ضد البريطانيين والمطالبة باستقلال العراق وعندما أرسل حاكم الرميثة من يبلغ الشيوخ للمثول أمامه اتفق الشيوخ شعلان وغثيث وآخرين أن يذهب الشيخ شعلان أبو الجون لحاكم الرميثة ويبقى الآخرون في الانتظار لمعرفة النتيجة وأرسلوا مع الشيخ شعلان من يرافقه الى حاكم الرميثة واتفقوا إذا تم إلقاء القبض على الشيخ شعلان وأودع السجن فانه يقول لمرافقة اذهب لأهلي ليرسلوا لي عشرة ليرات وهي كلمة السر مع الشيوخ ومعنى ذلك ان يرسلوا لي عشرة رجال شجعان مسلحين لإخراجه من السجن , وعند وصول الشيخ شعلان الى حاكم الرميثة استقبله بعبارات توبيخ واسمعه كلام لا يليق برئيس عشيرة الظوالم فرد الشيخ شعلان عليه بالمثل واخبره ان سياسة بريطانيا في العراق ستتسبب بمشاكل لا يحمد عقباها وانتم في العراق ولستم في الهند والعراقيون ليس مثل الهنود فقام حاكم الرميثة الانكليزي بإدخال الشيخ السجن لحين وصول قطار الرميثة الذي يتوجه الى الديوانية ليرسله مخفوراً الى حاكم الديوانية عندها أرسل الشيخ شعلان مرافقة الى عشيرة الظالم ليخبرهم بما حدث لشيخهم فأرسل الشيخ غثيث الحرجان حسب الاتفاق عشرة رجال أبطال من عشيرة الظوالم برئاسة خبشان الحاج كاطع وتوجهوا الى الرميثة وعند وصولهم السراي(مقر الحاكم) عصر يوم 30 حزيران 1920 قاموا بقتل اثنين من حرس السراي واخرجوا الشيخ شعلان وهم يرددون أهازيجهم (هوساتهم) الشعبية فكانت تلك الشرارة الأولى لاندلاع ثورة العشرين الثورة العراقية الكبرى وأحد أسبابها الرئيسية ثم قام ثوار الرميثة بقلع قضبان السكة الحديدية بين البصرة والديوانية وحفروا الخنادق للتهيؤ لصد هجمات البريطانيين المتوقعة عليهم ومن الرميثة امتدت الثورة الى باقي مناطق الفرات الأوسط حيث اجتمع يوم 11 تموز رؤساء عشائر المشخاب في مضيف الشيخ عبد الواحد الحاج سكر وقرروا إعلان الثورة وامتدت الثورة الى الكوفة والنجف وكربلاء والحلة ثم أعلن الشيخ ضاري شيخ عشيرة زوبع الثورة بعد ان وصلته رسائل من شيوخ الفرات الأوسط ومن رجال الدين تدعوه لمساندة الثورة فأعلن الثورة وعندما استدعاه الضابط البريطاني لجمن يوم 12 أب وقام بتوبيخه وتوجيه كلام لاذع له عندها أمر الشيخ ضاري ابنه بإطلاق النار على لجمن فارداه قتيلا وبدأ الشيخ ضاري بمهاجمة القوات البريطانية على إطراف بغداد وفي محطة قطار التاجي وامتدت الثورة الى الفلوجة ولواء الدليم وعانة وفي الجنوب ثارت عشائر لواء المنتفك وعشائر سوق الشيوخ والناصرية ومن ثم امتدت الى بغداد وسامراء والخالص وخانقين والمقدادية في ديالى والى كركوك وكفري وتلعفر , فكانت عملية اعتقال الشيخ شعلان أبو الجون الشرارة الأولى لاندلاع ثورة العشرين ثورة العراق الكبرى لكن كانت هناك عوامل أخرى عديدة ساعدت في اندلاع الثورة أهمها العامل الديني حيث أعلن علماء الدين الجهاد المقدس ضد المستعمر البريطاني منذ دخول القوات البريطانية العراق عام 1917 وقاتل عدد من العلماء القوات البريطانية في البصرة والناصرية واستشهد عدد منهم ثم العامل الاقتصادي فقد عرف العراقيون ان الاحتلال البريطاني سيكون استغلالاً لخيرات البلاد ومواردها وثرواتها فبعد الاحتلال البريطاني ارتفعت الأسعار وقلت بعض المواد الأساسية وازدادت البطالة وعاش أغلبية الشعب في ضنك عيش وفقر, والعامل السياسي فقد عمد الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى الى تسويف موضوع تقرير المصير والاستقلال الذي وعدوا فيه شعوب المنطقة قبل الحرب وتبين ان الغاية التي أعلنتها بريطانيا وفرنسا لإعلان الحرب هي تحرير الشعوب التي رزحت تحت الاستعباد التركي ما هي إلا كذبه حيث اتفقت بريطانيا وفرنسا في مؤتمر سان ريمو عل اقتسام العراق وسوريا وفرض الانتداب عليهما مما يدل على بقاء بريطانيا في العراق كمستعمر جديد وهذا ما رفضه الشعب العراقي ، ثم العامل الإداري فبعد سيطرة البريطانيين على العراق فرضوا عليه نظاماً غريباً فقد أطلقوا العنان لكبار الإقطاعيين ومنحوهم أراضي واسعة لضمان ولائهم وكان هؤلاء الإقطاعيين يسومون أبناء عشائرهم وفلاحيهم العذاب ويستغلونهم أبشع استغلال مما أدى الى نقمة الفلاحين على الإقطاعيين وفوق هذا كله فقد تعسف البريطانيون في جباية ضريبة الأرض من الفلاحين فزاد تذمر الفلاحين ، ثم ان البريطانيين وضعوا في كل دوائر الدولة موظفين هنود ومن ساعد البريطانيين في احتلال العراق وهؤلاء غرباء عن البلد لا يتجاوبون مع متطلبات ومشاعر أبناء الوطن ثم العامل القومي فقد كان للحركات القومية الاستقلالية في سوريا وثورة الشريف حسين في الحجاز تأثيرا كبيراً على الشعب العراقي ولهذا فقد تجاوبت العشائر مع رجال الثورة في بغداد والمدن الأخرى وشكلوا الجمعيات والنوادي القومية للتعبير عن روح التضامن القومي بين العراقيين من مختلف القوميات والأديان والطوائف وبين إخوانهم في الدول العربية وكانت هذه الجمعيات سندا للثورة الكبرى ساعدت في اندلاعها وتعتبر ثورة العشرين الثورة الوطنية التي شاركت فيها كل قوميات الشعب العراقي وكل أطيافه وامتدت من الفرات الأوسط الى جنوب العراق وغربه وشرقه وشماله .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *