المجتمع كالاسرة .. في تقييم وتطبيق المفاهيم التربوية والقيم الأخلاقية الحاكمة .. فالاب رب الاسرة والحكومة قائد المجتمع .. لا يمكن الفصل بينهما الا بفوارق بسيطة تختزل العلاقات بروح وطنية عامة تبتعد قدر الإمكان عن الخصوصية السلبية وترتقي للتفكير في الصالح العام ..
متى ما تاسست تلك الأسس الجوهرية في مجتمع ما .. اصبح عصي الكسر من كافة الاجندات الخارجية والداخلية فضلا عن احباط أي إمكانية لتسلط دكتاتور او مهيمن تحت أي شعار وهمي .. لان الوعي العام سد منيع وسلاح ماض في تحقيق مصالح العامة التي بموجبها يمكن الحفاظ على الخاصة وتنمية مصالحها .
ذلك كله لا يتاتى بالكلام والمثل الانموذجية والشعر والخطابة او بحفظ القصص والاحاديث دون العمل بها .. فسلوك المجتمعات يعبر عن تربية يمكن لها ان تكون خلاقة في بناء مجتمع لا يشطح ولا يقود بالتجهيل والتشتيت والتدجيل ..
للأسف انتشرت في العراق ظواهر لم يكن لها وجود او لم تكن بهذا الحضور السلبي المؤثر في أعماق المجتمع والضارب باطناب ضميره الحي .. بعد ان تغلغلت مفاهيم خارجية تم تعميمها وتسهيل تمريرها باجندات وأساليب متعددة .. اخذت على عاتقها تميع القيم وخمد القوى الأخلاقية السائدة والمستمدة من عمق التاريخ الاجتماعي .. ليكون الملف صيدا سهلا تحت الاعيب لا تريد الا الشر به .. من خلال قتل روح المواطنة وضرب الرمزية القائمة وتسقيط الهيبة المؤسساتية حتى إشاعة الفوضى الهدامة التي حتما ستنتهي بكارثة لا يمكن الحد من مخاطرها او تحديد اثارها السلبية على جميع ملفات الحياة وبتداعيات متوالية تضرب في سيرها وحلزونيتها كل القيم والأعراف والأخلاق العامة حتى يصبح الجهل مفخرة والفساد منقبة واللصوصية شجاعة .. وغير ذاك من مجاهيل سحيقة كنا نعتقد ان الزمن وعجلته الجبارة قد محتها الى الابد ..
فحينما يرمي الطالب الجامعي قنينة الماء والبيبسي الفارغة وسط الشارع العام .. ويسرق البائع في الميزان دون رقابة .. وتشاع الفاحشة بلا حساب .. وتعمم الرشوة بلا خشية عواقب .. وتسيطر قوى الظلام ويسود الجهل … يحل بعد ذاك الترحم على امنيات لم يتحقق منها حتى الأوهام او الاحلام بحدودها الدنيا ..