كتب أحد القراء ويرمز لاسمه بالمرايا الناصعة، رداً على مقالي “الثالوث المرعب” في هذه الزاوية قائلاً:
هل من المعقول ان تختصر تاريخا مهولا من الآفات التي يعاني منها العراق بالقول انّ عدو العراقيين هو الجهل والفقر والمرض، ذلك الثلاثي الذي منا ندرسه في المدارس كونه سبب مشاكل البلد في بداية تأسيس الدولة العراقية. أين تضع الاقطاعيات الاقتصادية التي نهبت العراق بالأسماء والعناوين والشعارات المدنسة والمقدسة لم يعد هناك فرق؟ وأين المليشيات التي تتشبه بالحرس الثوري والحكومات متواطئة خانعة؟ وأين نضع الرئاسات التي يكثر عددها مع قليل فائدة وضئيل أثر؟ وأين حياة البؤس والتهجير والنزوح التي خفت في الظاهر اشكالها العلنية لكن أثرها النفسي السيء يضرب في اعماق النسيج العراقي؟ اين كل ذلك وأزيد منه العشرات، بل المئات؟ وأراك أنت تختصرها في مقالك بالجهل والفقر والمرض. معقولة؟
أقول للمرايا الناصعة أنك تعّبر عن صورة تفصيلية حقيقية للبلد، وليس لي إلا أن اختصر المصاب بالتأكيد انّ هذا الثالوث المرعب حقاً، الجهل والفقر والمرض، هو إمّا أن يكون سبباً أو نتيجة، في كل هذا الوضع السياسي التعيس، وانهم جميعا يلعبون بتفاصيل هذا الثالوث بما يوفر لهم عمراً أطول في السلطات الرسمية وغير الرسمية.
دائما، أجد في ردود القراء العراقيين غضباً ممزوجاً بتشخيص عال لمشاكل البلاد، في سياق وعي عال، لا أدري لماذا لا تلتفت الدول التي تعول على حكومات باتت مصدر أذى للبلد، وتستمع الى اراء الشعب فيما يجري. اعرف ان بعض المنظمات شبه المستقلة في العالم تحاول ان تلعب هذا الدور لكن حضورهم وتفاعلهم مع العراقيين مناسباتي وضعيف ومحاصر من الإدارات الرسمية، وربما من دول محيطة بالعراق باتت صاحبة الرأي والمشورة النافذة بشأن قضايا مصيرية، قد تخفى اليوم على الناس، لكن لابد من يوم تتجلى فيها الحقائق حين تسقط أوراق الخريف.