كنت أجلس وحيدًا، بعد أن صنعت فنجانًا من القهوة، ووضعته أمامي، وهممت بأن أمد يدي لألتقطه، من فوق الطاولة، ولكني توقفت، فقد هالني مايحدث داخل فنجان القهوة، فرأيته يرسم بعض الفقاعات، وكأنها تنتمي للغة الهيروغلفية ويبدو أن الفنجان أراد أن يجيبني عن سؤال، لازال يصرخ في رأسي، بل ولايكتفى بالصراخ، بل أنه يعدو، ويصطدم بجدار الرأس، ذهابًا وإيابًا؛

تركت الفنجان يرسم كلماته والتي لم أفهم منها شئ؛ وعاودت في إجابة السؤال، الذي لايصمت أبدًا، فلقد إستمعت إلى أحد الأئمة، وهو يخبرنا عن الرزق، وأنه مقسم إلى أجزاء، منها، ماهو في الزوجة، وماهو في الأولاد، وماهو في المال٠ ٠ و٠ ٠ فوجدت أن أول خطأ وقع به الشيخ، هو، عنصر الإختيار .

فقد تختار أنت غير ما أختاره أنا؛
أنا ولله الحمد، مؤمن تمام الإيمان، ولا أرتاب فيما أرى، ولكني أرتاب في الرؤية، وبعيدًا عن عنصر الأختيار، فقد حاولت تطبيق الرؤية هذه، على أرض الواقع، من خلال البناية والتي أقطن بأحد (شققها) فوجدت أن هناك خللًا في الرؤية.

فبنظرة بسيطة حولك ستجد من يمتلكون مئات بل ألاف من ﴿ الأفدنة ﴾ وليست ﴿ القراريط ﴾ وحسب وهناك من هم بالكاد يمتلكون سنتيمًا أو لا يمتلكون شيئًا من الأصل!! ما أردت قوله أن هناك بعض الأمور والتي لايجب الخوض فيها لأنها قد تجرنا ٱلى مناطق ساخنة من الأسئلة والتي لايعلمها إلا الله عز وجل .

غير أنه لا يوجد أحد هنا أو هناك يمتلك الحق المطلق مهما كانت درجته العلمية وموقعه الديني الوظيفي .

حتى جارنا والذي يقيم في الدور الثالث، يمتلك عدة مقومات فهو يمتلك شراسة ذئب صحراوي، وجسد فيل، والجميع يهابه، صحيح أنه دائمًا ما يوقرني بشكل مبالغ فيه؛ ولم أجد أجابة لسؤالي إلا انني دائمًا في حالي .

في هذه اللحظة دق جرس الباب، فذهبت لأرى من أتى لزيارتي، فأنا كل أصدقائي، ومعارفي، لا يتجاوز عددهم عدد اليد الواحدة، وعندما فتحت الباب وجدته صديقي الفيلسوف، بعد أن رحبت به وصنعت له فنجانًا من القهوة، وجدته قد إرتشف رشفة من القهوة، ونظر لي نظرة عميقة، وحادة، في ذات الوقت، حتى أنني شعرت أنها تخترق جدار عينيَّ، وأتبع نظرته الحادة هذه، بقوله سيبقى الباطل قويًا ياصديقي، وحتى تقوم الساعة، فتابعته بإيمائة تدل على التساؤل؛ حتى أدعه يسترسل،
فقال لي صديقي الفيلسوف، إن الله سبحانه وتعالى خلق لنا الأمراض والقمل والبعوض والرياح العاتية، وانظر لبعض آيات القرآن الكريم تخبرنا، (ولقد خلقنا الإنسان في كبد) ثم أنك كيف تُثاب، على عمل بسيط؟! فكلما كان العمل شاقًا كان أجرك أعلى، أنظر مثلًا لمباربات كرة القدم، كلما كان الفريقين قويين، وكان الهدف كبيرًا كحصول أيهما على بطولة أو الهروب من نار جهنم عفوًا الهروب من الهبوط،
كانت المبارة قوية؛ تجاذبنا أنا وصديقي الفيلسوف حديثنا في عدة موضوعات، وهم بالإنصراف فذهبت لتوديعه عند الباب، ووقفت قليلًا لكي أحذره من إحدى درجات السلم، والتي هي في مواجهة سكن جارنا الفيل المتسلط، وما أن هممت بالإنصراف، وأنا أوصد الباب، وإذ بي إستمع لصوت إرتطام شديد، فعدت أدراجي، لأنظر ماذا حدث، فوجدت جارنا بسرواله الداخلي، وصديقي مُلقى في الدور الأول؛ فقد يبدو أنه تعثر بذات الدرجة في السلم، ويبدو أنه أبدى إمتعاضه من عدم إصلاحها، ولحظه العاثر سمعه جارنا الفيل، والفيل هذه ليست إلا توصيف، وبعيدة تمامًا عن أية سخرية، وطبعًا لم يرق هذا صاحبنا، فما كان منه إلا أن دفعه دفعة أوصلته للأرض!!

فعدوت مسرعًا لكي أنجد صديقي فوجدته بالكاد يهمس لي، ألم أخبرك بأن الباطل سيظل قويًا، ثم لفظ أنفاسه، فلم أجد بدًا من الذهاب إلى المخفر، وتحرير محضر بالواقعة، وأنا الآن انتظر مصيري؛؛؛

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *