‭ ‬لو‭ ‬سكن‭ ‬قديسون،‭ ‬وهذا‭ ‬مُحال‭ ‬طبعاً،‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬ببغداد‭ ‬لبقيت‭ ‬رمزاً‭ ‬كريهاً‭ ‬ومستفزاً‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬رفض‭ ‬الوضع‭ ‬المتداعي‭ ‬والسيء‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الوعود‭ ‬الكاذبة‭ ‬والاخفاقات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تحدي‭ ‬إرادة‭ ‬الملايين‭ ‬المطالبين‭ ‬بالإصلاح‭ ‬واجتثاث‭ ‬الفاسدين‭.‬

‭ ‬كانت‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬مثابة‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬بسط‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬٢٠٠٣،‭ ‬وكان‭ ‬السياسيون‭ ‬البارزون‭ ‬يدخلونها‭ ‬بتصريح‭ ‬مذل‭ ‬،وكانت‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اقوى‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية،‭ ‬فاكتسبت‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬سخط‭ ‬الملايين‭ ‬ونقمتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬اغلبية‭ ‬مَن‭ ‬كان‭ ‬يرفل‭ ‬بتلك‭ ‬الحماية‭ ‬الامريكية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مداوماً‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بوصفه‭ ‬المكان‭ ‬الآمن‭ ‬برغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬يطلق‭ ‬الشعارات‭ ‬والشتائم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬تعبوية‭ ‬ضد‭ ‬الامريكان‭ ‬مخترعي‭ ‬مواضعات‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬وموزّعي‭ ‬مساحاتها‭ ‬على‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يجري‭ ‬تسلّم‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الادارات‭ ‬المحلية‭ ‬بعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ .‬

‭ ‬ألم‭ ‬يستطع‭ ‬العقل‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مركز‭ ‬الابتكارات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬عبر‭ ‬قرون‭ ‬أن‭ ‬يحرر‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬ربقة‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬وُصم‭ ‬بالعار‭ ‬مرّات‭ ‬ومرّات‭. ‬ربّ‭ ‬مَن‭ ‬يقول‭ ‬انّ‭ ‬العقل‭ ‬العراقي‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬هو‭ ‬نفسه،‭ ‬لكن‭ ‬المعنيين‭ ‬بالمنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬الابتكاري‭.‬

‭ ‬هناك‭ ‬رموز‭ ‬بغيضة‭ ‬تتعدى‭ ‬المكان‭ ‬أيضاً‭ ‬،‭ ‬استقرت‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬الملايين،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتحول‭ ‬الى‭ ‬ايقونات‭ ‬محبة‭ ‬وسلام‭ ‬وإصلاح‭ ‬ونزاهة‭. ‬وانّ‭ ‬المكان،‭ ‬برغم‭ ‬كل‭ ‬القتامة،‭ ‬قابل‭ ‬لأن‭ ‬يخلع‭ ‬ثوبه‭ ‬المدنّس‭ ‬ويرتدي‭ ‬ثياب‭ ‬الطهر‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬جرى‭ ‬تنظيف‭ ‬المكان‭ ‬بما‭ ‬يحفط‭ ‬هيبة‭ ‬البلد‭ ‬وسيادته‭ ‬وأمنه‭ ‬وسلمه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وسمعته‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬سفارات‭ ‬وبعثات‭ ‬هناك‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬ستبقى‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬مقصد‭ ‬الغاضبين‭ ‬على‭ ‬الفاسدين‭ ‬والمتلاعبين‭ ‬بمصير‭ ‬البلاد‭ ‬لصالح‭ ‬دول‭ ‬ومنظمات‭ ‬وعناوين‭ ‬خارجية‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *