هي هوسة عربية كانت تعلو صيحات النساء في الاعراس الى زمن غير بعيد إذا كان الزواج من بنت العم ، كما كانت النجارة قبل صناعة المسامير والعبارة بكل معانيها تدل على تعزيز اواصر القرابة ولم شمل الاسرة في هكذا زواج ، ولكن هل هذه الهوسة ادت او اظهرت نتائج مرضية في مقاسات او مفاصل اخرى مثلا في تتويج ملك او رئيس للدولة من الاسرة العراقية ؟
تاسست دولة العراق عام 1921 على اطلالة ثلاث ولايات للدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولى ولكل ولاية كيان وثقافة خاصة فولاية الموصل في الشمال من الاكثرية الكردية السنية وكادت ان تصبح دولة لولا بريطانيا دمجتها مع العراق لنهب ثرواتها والاستفادة منها في معادلة نسبة السنة مع الشيعة ، وولاية بغداد من الاكثرية السنية وولاية البصرة الشيعية ، واختارت فيصل الحجازي الموالي لها ملكا للعراق في نظام ملكي برلماني دون اختيار شخصية من تلك الولايات والى اليوم فالدول الملكية البرلمانية اهدأ من غيرها وتلائم المجتمع العراقي اكثر من غيرها ، وكان العراقيين راضين على توليه قمة السلطة واستقبلوه بحفاوة وساد العراق نوعا ما من الهدوء والإستقرار وكان الملك يوازي بين الطائفتين الى حد مقبول لترسيخ سلطته وما حدثت من ثورات ومظاهرات كانت ضد الاحتلال وهنا كان مسمار اللوحة ليس منها .
في 14 تموز 1958 اطاحوا العراقيين بالنظام الملكي بشكل دموي بسفك دماء الاسرة المالكة والاقربين منهم في السلطة واصبح مسمار اللوحة منها ،وشكلوا نظاما جمهوريا وفي الحقيقة هو تغير النظام الملكي البرلماني الى نظام عسكري مطلق دون انتخابات ولا برلمان وتوالت الانقلابات العسكرية وكل من يستلم السلطة يخوِن سابقه ويتهمه بالخيانة والعمالة وفقد العراقيين الامن والاستقرار مع طفوح زبد القومية والطائفية تدريجيا مع الانقلابات وانجرار العراق الى حربين مدمرتين ومضاعفاتيهما خلقتا المجاعة والقحط والاقتتال الداخلي الى ان سقط النظام في 2005 بكل مؤسساته المدنية والعسكرية وسيطرت قوات التحالف على السلطة فيها كما احتلتها بريطانيا كأن التاريخ أعاد نفسه وتشكلت حكومة جديدة منتخبة عام 2007 على شاكلة اللوحة السابقة مسمارها منها دون امن واستقرار وعودة الاقتتال الداخلي ولكن برزت حالة غير متوقعة وهي اثراء الفاحش للسياسين ومن حولهم في السلطة وفقر مقفر لغيرهم وفراغ السلطة في مناطق كثيرة وفقدان السيادة لتدخل دول اقليمية وغيرها في الشؤن الوطنية للعراقيين .
نكسات وحروب
يتضح بان الساسة في السلطة لم يتخذوا عبرة او درسا من كل ما جرت من نكسات وحروب وعلة الطائفية المقيتة وعدم المساوات بين القوميات وبدلا من خلق هوية وطنية عراقية لكافة مكونات الدولة ، يتلهفون وراء الانتماءات للدول الكبرى والاقليمية ويبررون بأفعالهم ان مسمار اللوحة منها إن فاد في تعزيز اواصر القرابة وشمل الاسرة في العراق لم يعد نافعا في تقويم السلطة لانهم تعاملوا في السلطة كتجار بحثا عن خلق اجواء لترويج بضاعتهم على حساب البطون الخاوية وليسوا كسياسيين في السلطة للبحث عن سيادة الدولة و العدالة والمساوات بين المواطنين وتامين لقمة عيش في بطون الجياعى من ابناء وطنهم .
بالرغم من الظلم والاستبداد من الانظمة البائدة لم يصل العراق الى هذا التذمر اليوم في السلطة ليكون على حافة الهاوية للوقوع في احضان الدول الاقليمية او الكبرى بسبب اطماع السياسيين للسلطة لاجل المال وليس لخدمة الوطن والمواطن لان المال فتنة لا تؤلف بين الاب والابن والوطن يجمع حتى بين الخصوم في التآلف والتضحية وانهم يعيدون العراق بأيديهم الى 1921 تحت الاحتلال وبادارة من خارج البلاد وهذا هو الواقع إن لم يكن اسوأ ويكون المسمار حديديا .