كنت طالبا “شاطرا” كما يقال, خلال سنوات دراستي, لكن والدي أسكنه المولى الدرجات العليا من جنته, كان كالصقر من خلفي, يرعى ويدعم ويتابع وكذلك يراقب ويحاسب.. ويسمع لي.
عندما كان يجدني تراخيت أو تلكأت قليلا, أو نلت درجات ليست جيدة ضمن الإختبارات الشهرية, وأبرر له ذلك بان مستوى جميع الطلاب كان كذلك في الإمتحان, كان يقول لي” نعم أنت صادق, وأسال أي طالب “راسب” سيؤيد كلامك, والنجاح مجرد حظ” بطريقة فيها شيء من التهكم.. لم ولن أنسى تلك الكلمات, فهي علمتني دوما أن المبررات وان صدقت, لا تنفي وجود المشكلة أو التقصير.
على مر سني عمر حكوماتنا ما بعد العام 2003, التي تكاد تبلغ العشرين, كانت دوما تجد المبررات لفشلها وتأخرها في أكثر من ملف, فمن الإرهاب ودول الجوار وتدخلها السيئ, إلى صراع الخصوم السياسيين, إلى عرقلة البرلمان لمشاريع وقوانين الحكومة, إلى الفساد المستشري في أغلب مفاصل الحكومة, وبجميع مستوياتها.. وعشرات المبررات وأغربها..حتى عدم استواء شكل الأرض كان منها!
لم تكن برلماناتنا بأحسن حالا, ففشلها في أداء دوره الرقابي والتشريعي, كان يبرر بعدم انسجام تشكيلته مرة, أو عدم استجابة الحكومة في أخرى, أو الظروف السياسية الدقيقة والحساسة التي لا تنتهي.. أو عدم اكتمال النصاب لأن رئيس حزب أو تيار قد “زعل”, وطبعا لا ننسى عدم استواء الأرض!.
قبل كل إنتخابات كانت المرجعية, تقدم نصحها للمواطنين وتضع مواصفات عامة, لمن يجب إختيارهم والتصويت لهم, ليكونوا ممثلين لهم في أعلى سلطة تشريعية, يفترض بها أن تسن القوانين, وتشكل الحكومة التي تنفذها, ولكننا كنا نتغافل عن تلك التوصيات.. وتعود بعد الإنتخابات لتنصح وتحذر الساسة, وترسم لهم خارطة الطريق تلو الأخرى, لكن دون جدوى, فلا من مستمع ولا من مجيب!
من لديه الرغبة بالنجاح سيحاول خلق الأسباب والمبررات لنجاحه ولو بالقدر المتيسر له, مهما كانت الظروف وعندنا نماذج وأمثلة, على قلتها.. ومن لا يملك الرغبة أو القدرة, فسيجد هو أو أتباعه ألف مبرر للفشل.الحظ موجود كفكرة على اختلاف فهمنا وتفسيرنا لمعناها, ولكنه عامل ثانوي جدا.. فالنجاح رؤيا واضحة وخطط علمية ذكية متخصصة, وخطوات محسوبة وعملية, لها أهداف واضحة, يقودها تصميم وعزم وإرادة.. بأدوات واقعية.