جميع المؤتمرات والندوات والتصريحات الدولية والاقليمية والقارية … وكذا المحلية المتخصصة والواعية لمعنى الملف الرياضي تؤكد دائما بان الممارسات الرياضية يجب ان تكون مستقلة فنيا : بمعنى ان تدار من قبل ذوي الاختصاص واهل اللعبة .. وان يكون التزامها تام بقوانين اللعبة المقرة عالميا من قبل الاتحادات والمنظمات الدولية .. شريطة ان لا تتقاطع مع الأنظمة والقوانين المحلية بمعنى : ان مصالح البلد أي بلد هي فوق مصلحة اللعبة ومن يمارسها .. اذ لا وجود للألعاب دون اطار ودعم الدولة وحمايتها ورعايتها .. من هنا تتاتى حتمية الانصياع الرياضي التام لقرار ومصلحة الدولة العام على حساب الخاص ..
من هذه المقدمة البسيطة ننطلق الى قضية اهم تتعلق بقرار المشاركات والانسحابات من البطولات الرياضية وما تعنيه من مصالح وانعكاسات .. آنية وأخرى مستقبلية … لا تتعلق اثارها الإيجابية والسلبية على القطاع الرياضي بل تتعاده الى جميع ملفات الحياة ومرافق ومؤسسات الدولة ذات العلاقة .. سيما في زمن خرجت فيه الرياضة ومبارياتها وبطولاتها وتنظيمها والعابها من جلباب الجنبة الفنية الى افق المصالح العامة والراي العام واخريات امضى واخفى من ذلك … حتى غدت الرياضة فيه أداة سياسية فاعلة وليست ناعمة فحسب ..
ذلك وغيره يجعل اتخاذ قرار المشاركات والانسحاب منها سيما تلك المتعلقة بقضايا ذات ابعاد سياسية وليست فنية بحت .. مما يجعل القرار حكومي بحت ولا يمكن ان يبق تحت تصرف اشخاص بعينهم … مهما كبر اسمهم .. فالمردودات هنا ليست شخصية ولا ذات جنبة رياضية بل تتعدى تلك الخطوط الى ما ابعد واعمق واغمض مما يتصور حتى صاحب القرار الشخصي ..
فالسياسة كانت وما زالت وستبقى فن الممكن في ادارة المصالح العامة وكل من يستطيع ان يدر دفتها بما يخدم بلده وقضاياه بشكل اكبر هو الاقدر على التعاطي والادرى لادراة الملفات ذات البعد الاوسع من المنظور .. فلا يمكن لرئيس اتحاد او مؤسسة رياضية معينة تأخذ أموالها وشرعيتها وكل كيانها من قبل الدولة وتتخذ قرار فرديا دون مشاورة الجهات المعنية فيها .. لذا فان القرارات الخطيرة والاستثنائية التي تتعلق بالمشاركات والانسحابات – غير الفنية – او ذات البعد السياسي والمصلحي العام يجب ان تكون للدولة الراي الغالب والمقدم فيها ..
فعلى سبيل المثال اذا ما قرر اتحاد القدم الانسحاب من بطولة معينة لاسباب ودوافع ومتبنيات ليست فنية .. عليه ان يخضع القرار الى مناقشة مستفيضة من جميع الجوانب داخل بيته الاتحادي ومستشاريه المتخصصين – ان وجدوا – ومن ثم يرفع الى الجهات العليا ويناقش من قبل لجنة تضم المتخصصين في الجهات المعنية سيما ( وزارات الخارجية والرياضة والشباب واللجنة البرلمانية المختصة .. بالإضافة الى الاتحاد والمؤسسة المعنية لاشباع الملف لآراء واقتراحات ودراسة مستفيضة من كافة الجانب .. ومن ثم تغلب المصلحة الوطنية على المصالح الأخرى .. عند ذاك فقط يحق لاتحاد القدم اتخاذ القرار التشاوري ومن ثم إعلانه للعلن .. لان مردودات بعض القرارات قد تصل الى ما اشبه بالكارثة وقد ينطبق عليها وصف الخيانة العظمى !
والقانون لا يحمي المغفلين فضلا عن المؤجندين .. !