في العراق اليوم خمس جزر سياسية، وثمة بحر مضطرب، وهناك فنارات هنا وهناك لا أحد يلتفت اليها، والجميع منشغل بنفسه على انفراد مثير للدهشة.
الجزيرة الأولى، ما عبرت عنه صورة اجتماع الرئاسات الأربع، اذ جرى التأكيد في الاجتماع على كلام بروتوكولي شكلي ينتمي الى نوع من أنواع اسقاط الفروض وملء الشاشات ليس أكثر، ولو كان الذي قيل في ذلك الاجتماع يعني احدا من القوى السياسية لما حدث هذا الفتق الكبير في الصورة التي حاولت مختلف قوى العالم تثبيتها على حال ما طوال عقدين من الزمن من دون جدوى.
الجزيرة الثانية هي الاطار التنسيقي، حيث تقوم فوق ترابها معازف التصريحات التي لا يجمعها بوصلة وليس لها خطة واضحة لمواجهة الازمة التي كان الاطار على دراية عميقة بها منذ أيام بعيدة، وكان تداركها ممكناً بصحبة تنازلات، ربما لا يلحظها كثير من العراقيين، الذين اعتادوا على حدوث توافقات وتقاسمات ، وربما كانوا سيعدون التنازلات نوعا من التوافقات.
أما الجزيرة الثالثة فهي التيار الصدري ، الذي خرج عمله من نطاق الاجتماعات والاتصالات الى الشارع ، وصارت خطوة العودة الى الطاولات صعبة ، لكن في النهاية التيار في جزيرة منفصلة، كواقع حال توصيفي للمشهد.
هناك جزيرة شبه غارقة للعرب السُنة، تظهر وتختفي بحسب علو الأمواج، وربّما كانت ارضها متحركة قد تدفع بها رياح عاتية الى اية ناحية على نحو مفاجئ.
وفي المشهد، جزيرة قديمة، هي إقليم كردستان، ربما يرى فيها بعضهم فنارات ودلالات طريق بعض الوقت . يمر موج عاتٍ من قربها، ثمّ تغمرها نسمات تُلطف الصيف السياسي، ما تلبث الأجواء ان تعود ملبدة، حين تصفو الاحوال في بغداد او بين متخاصمين في الإطار والتيار.
حتى هذه الساعة، لا يزال سَكنة الجزر الخمس ماكثين فوق ترابها وقد أقفل كل فريق بابه على نفسه واتباعه،و لم ينزل احد منهم خائضاً في البحر المحيط والمحدق، والذي يخشاه الجميع ، ولعل هذا الوضع سيبقى الى أمد بعيد