ليس بالسهل أن يتولى شخص أمور الناس فهو مسؤول عن تحقيق العدالة وإنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم ومساعدة الفقراء وإصلاح ذات البين ويتعدى إحقاق الحق إلى أن يعطي من ماله الخاص لحل الخلافات التي تنشب بين رعيته،وهذا هو الحال في المجتمعات العشائرية التي يترأسها رجل كبير في السن من صفاته الشجاعة والكرم والجاه ( شرف النسب والمكانة وجليل القدر بين الناس ) وفصاحة اللسان وعادة ما يتولى منصب الشيخة بالوراثة ويسمى الشيخ
وقد اصبح الناس المتمدنين مجبورين على العودة الى جذورهم لحماية أنفسهم فهم يتمسكون بالقيم البدوية كلما اشتد ضعف الدولة وفي وقتنا الحالي بعد ان أمتزجت ثقافة الريف بالمدينة اختلفت طريقه البدو فهم مرة بحاجة إلى القيم التي تعودا عليها ومرة أخرى بحاجة إلى التعامل مع ثقافة المدينة مما اضطرهم إلى تنظيم تجمعات صغيرة في المدن لحل مشاكلهم بينهم دون اللجوء إلى القانون وايضا يترأسهم شخص لا يقل مكانة عن الشيخ ويسمى (كبير إخوته )
وهذا خطأ كبير بسبب غياب التخطيط في توزيع السكان فقد أدى إلى نقل مشاكل الريف إلى المدينة وكثرة السكان ومزاحمة ابن المدينة على رزقه لكن ابن الريف اضطر إلى الهجرة للمدينة بسسب إهمال الدولة للزراعة وخصوصاً بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، اعود إلى موضوعنا الأساسي وهو الشيخة فقد ظهر خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي نوع جديد من الشيوخ يسمى شيوخ المال أو المصلحة فهم لم يأخذوا مكانتهم بين الناس بتوفر الصفات التي تؤهلهم لذلك بالوراثة وانما حفت بهم الناس من أجل أموالهم التي لا ينتفع منها أحد سواهم ويجسد هذا المثل العراقي القائل فلوسة على گلبة والناس تحبه
ويأتي هنا دور الحكومة في الحفاظ على القانون العشائري والشيخة الحقيقة التي هي امتداد لقانون الدولة بوضع حد لأي شخص يحاول الانشقاق عن عشيرته الأصيلة والمعروفة على امتداد سنين طويلة ، كما أن العشائر الأصيلة منضبطة وهي أول من يستنكر الانفلات والخروج عن القانون العشائري وقانون الدولة على حدٍ سواء وفي الآونة الاخيرة شهد العراق الكثير من التجاوزات على الناس ورجال الأمن وموظفين حكومين باسم العشائر وذلك بعيد كل البعد عن العروبة والعشائر ولا يمكن أن يقبل به أي شيخ حقيقي
لكن يبقى القانون هو الفيصل بين الجميع ويفرض هيبة الدولة وقوتها ولا يمكن أن يحل محله قانون آخر ، فالعراق هو دولة مؤسسات وله جهاز أمني قوي لا يستهان به يضمن حماية افراد الشعب والسيطرة على اي فوضى قد تؤدي إلى حرب أهلية أو نزاعات مسلحة تسفر عن سقوط ضحايا وابرياء لأسباب بسيطة يمكن للقضاء حلها.