العراقيون الاعزاء ….
حققوا اخوتكم التي دعاكم اليها نبيكم ولايقع بينكم سيف وتشتت فقد حذر رسول الله ( ص ) واله الاطهار من ذلك بقولهم ( لايدخل الجنة سافك للدم ) ، وكونوا حرصين ملتفتين من اعدائكم واعداء اسلامكم الحقيقي.
فأن اعداء دينكم في كل مكان وزمان يحرصون على بث الفتن وينشرون سمومهم بغية ايقاع العداوة والبغضاء ساعين الى تمزيق الفة قلوبكم فحافظوا على سلامة القلوب ، وتجنبوا الفرقة والعداء يتحقق لكم الامن والامانة وسلامة في الدنيا والاخرة.
محل الشاهد :
دعا الإسلام إلى الوحدة، لأنها طبيعته وركنه الّذي تقوم عليه دعوته الدينيّة العامّة الموجَّهة إلى الناس أجمعين. ولقد استجاب لها المسلمون في أوّل عهدهم، فأكسبتهم قوّة وعزّة وغلبة عزّت بها الدعوة الدينية، فانتشرت وانتصرت وصدّت من عارضها، فتفتّحت أمامها الطّرق، واتّسع الأفق، وعمّت بلاد من كان يعارضها ويدفعها ويقف في طريقها بما كان له من قوّة ومال وجاه ورجال.
لقد عني الإسلام كثيراً بتقوية بكل الوحدة، وإحكام تلك الرابطة، حتى جعلها أخوّة بين المسلمين، تنمحي فيها الفوارق، وتختفي فيها الطّبقات، ويتساوى فيها جميع الأفراد في حقوقهم وواجباتهم.
أراد الإسلام أن يجعل لهذه الوحدة وتلك الرّابطة ما لرابطة الأخوّة من القوة والمكانة، والحرص على صيانتها، والبعد بها عن أن تتعرّض لمعاول الهدم والتفريق، وأسباب الخصومة والنزاع، فنزل قوله تعالى في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ…}، بيّناً لمنزلة هذه الرابطة، وإيجاباً لصيانتها بالإصلاح بين أفرادها إذا ما اشتجر بينهم خلاف، أو عصفت فيهم ريح فرقة. وليس أدلّ على مكانتها من أن يعدّها الله نعمة يمتنّ بها عليهم، إذ يقول في سورة آل عمران: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}، { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. أيضاً لم يكتف الرسول في بيان حقيقة تلك الرابطة، وما تستلزمه من حقوق وواجبات، بما جاء به الكتاب العزيز من إجمال، بل فصّل فيها القول، فأشار إلى أنها مساواة في الحقوق، ومساواة في المنزلة، لا تعرف فيها السيطرة ولا سيادة الطبقات، قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقّره، وكونوا عباد الله إخواناً».
فقد جعل الله الإيمان من أسس الأخوّة، تدخل في إطاره الحقوق التي فرضها للأخ على أخيه، فإنّ الإيمان لحمةٌ كلحمة النّسب، وقد كثرت الأحاديث التي تؤكّد أنّ «المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله؛ لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشّه، ولا يعده عدةً فيخلفه»، وأن «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يغشّه، ولا يخذله، ولا يغتابه، ولا يخونه، ولا يحرمه».
والمراد بالمؤمن في كلّ موارد القرآن، المسلم الذي عاش الإيمان عقيدةً في قلبه، والتزم بالإسلام في حياته، ما يجعل الوحدة بين المسلمين تترسّخ عبر الأخوّة الإسلاميّة الإيمانية التي جعلها الله قاعدةً للعلاقة فيما بينهم.
وإذا كان المؤمنون إخوة، فإنّ النداء الإلهي يتوجّه إليهم جميعاً ليصلحوا {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، باعتبار أنّ الإصلاح من حقوق المؤمنين على بعضهم البعض، ومسؤوليّتهم في الحياة الاجتماعيّة الإسلاميّة، التي يعتبر الجميع معنيّين بتوازنها وتماسكها واستقامتها في خطّ الصّلاح والإصلاح والوحدة.
{وَاتَّقُواْ اللهَ} في كلّ أموركم، وعلى مستوى العلاقات، كي لا تختلفوا بالباطل، وفي خلافاتكم، لتحلّوها على قاعدة التّقوى المرتكزة على شريعة الله، في ما جعله الله من الحقوق في الحياة العامّة والخاصّة للنّاس.
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، لأن الله جعل رحمته للمتقين والملتزمين بالسير على خطّ رضاه، ولمن يلتزمون شريعته في أوضاعهم الفردية والاجتماعية، لأنّ ذلك سبيل الوصول إلى النتائج الإيجابيّة على مستوى السلامة العامّة للحياة، الأمر الذي يربط الناس بالإسلام، من خلال الرّحمة الإلهيّة في شريعته، واللّطف الإلهيّ في رحمته ورضوانه.
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق وشعبة