بدءاً اقول ان الانسان القويم لابد وان يشكل كل من الانفعال والعاطفة وحتى التعصب بمفهوم النمسك بالمبادىء بصورة واعية منفتحة على الرأي الآخر، أسساً لا يمكن القفز عليها في تفكيره الانساني.
ولكن متى يتحول الانفعال والعاطفة والتعصب الى أمراض في التفكير الذي سيقوم عليه الفهم والادراك واتخاذ القرار وتحديد المواقف؟
أشير في البدء كذلك ان الانفعال والعاطفة والتعصب هي انماط تفكير عقلية وخصائص نفسية وسلوكيات تصرف غالباً ما تترافق مع بعضها في بعض المجتمعات لتصبح ظاهرة عامة.
فالانفعال في تأثره وردود فعله السريعة والعمياء غالباً ما يؤدي الى اتخاذ قرارات خاطئة بسبب عدم التمعن فيها ودراسة تداعياتها.
وهكذا العاطفة، وخصوصاً المفرطة فيها، لا تهدي صاحبها الى قرارات واقعية.
أما التعصب، وأريد به الأعمى، فهو آفة نقاشاتنا وحواراتنا التي لا تنتهي غالباً الى نتائج ايجابية.
هذه الأمراض الثلاث تعشعش في عقول ونفوس غالبية قادتنا وساستنا وحتى مفكرينا نحن العرب، ولا سيما المشرقيين منهم بصورة عامة.
وهنا يجدر بي أن أنبه الى المسائل الآتية:
ان هذا لا يعني أننا غير قادرين على التفكير الصحيح أو ان علينا ان نلجم انفعالاتنا وان نئد عواطفنا الإنسانية.
⁃ان التفكير العقلاني والمنطقي، وكذلك الانفعال الايجابي والعواطف الصافية يمكن هي الأخرى ان تخضع للتربية والتوجيه، وهنا تطهر ضرورة المناهج المناسبة.
⁃ان مراجعة لمآسي التفكير الانفعالي والعاطفي ومواقف التعصب الاعمى والمتخلف تدعونا الى الحذر في اختيارات قياداتنا وساستنا أو السكوت عليهم.
كما انه من الاهمية بمكان التعامل مع الإعلام في مضامينه ووسائله وردود افعاله على الأحداث. فإعلام الانفعال وكسب العواطف وتهييج العصبية لا يخدم تقدمنا الحضاري.
وفي الختام اقول لسنا شعباً بليداً هجرنا الذكاء وغابت عنا الحكمة والدهاء، وغلفنا الانفعال واغرقتنا العاطفة، لكننا نغفل، في احيان كثيرة، التعامل معها بعقلانية انسانية.
برلين، ٢٧/٨/٢٠٢٢