تطيرُ حمائمُ أرواحنا فزعًا

تحُطُّ باضطرابٍ على أرضٍ مهتزة، مهترئةٌ أطرافها، مُتزعزِعةً لا أمان فيها ولا أوطان!

الوطن؟

كلمة ثقيلة جدًّا، وعميقة جدًّا، وبحجم ثقلِها وعمقِها باتت مُخيفة!

لم يعد في الأرجاء وطن نلتمِسُ منه أمانًا وسلامًا، قطعةً جغرافيةً كان أم قلبًا!

كلاهِما يوحي إليك بطريقةٍ أو بأخرى بأنك ستغدو وحيدًا، حزينًا، كئيبًا لا انعتاق من ألمك،

شخص هشٌّ ومهمَّش!

مجرد رقمٍ يتسلسلُ بين الكثير من الأرقام تحت مسمَّياتٍ عديدة وفي الغالب منها تكون الكلمة السَّباقة لكل مُسمَّى

“ضحايا!”

ضحايا حرب، ضحايا غرق، ضحايا هجرة، ضحايا وطن، ضحايا حب، ضحايا ثقة …

وتطول القائمة.

صار الكوكبُ كتلةً مُبعثرة المفاهيم والمعالِم، كتلةً من نيرانٍ تبعث الظلام بعد كلِّ وهجٍ لها!

ما عاد في المكان اتِّساعٌ لفكرةٍ سوى الموت الآخِذ بالاتِّساع شيئًا فشيئًا حتى أحال كل شيءٍ لِلعدم!

إما أن يُحالِفك الحظ فتُدفن في قبر!

وإما أن يتحول البحر باتساعه لقبرٍ جماعي تتكدَّسُ في أحشائه الجثث والضحايا، والكثير الكثير من الأحلام التي لم تتمكن من أن تُلامس النور حتى!

فعِش ما تبقى من عمركَ وأنت تتمنى لو أنك تنامٍ في قبرٍ بعد أن تفنى!

أمِن المنطقيِّ أن يحلم المرء في وقتٍ كارِثيٍّ كالذي نعيشه برفاهية النوم داخل قبرٍ بعد الموت؟!

رحِم الله من غرِقَ ومن قُتِل ومن مات وحيدًا مُتعرِّيًا من وطنٍ بخِل عليه بحفنةٍ من أمان.

رحِم الله من بقي حتى هذه اللحظة مُشردًا في بلاد الله، مُتعبا يُراقِب من مات بصمتٍ ورهبة.

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *