ليست الدولة الفاشلة، فقط تلك التي توقفت وظائفها الأساسية وشلت الحركة فيها وباتت غير قادرة على الإدارة وتصريف الأمور وفقدت عجلة السيطرة وتنازعتها الاحترابات الداخلية، وانما الدولة الفاشلة قد تكون تعاني من سبب او سببين من عناصر الفشل الذريع وليس كل الأسباب وهذا يجعلها مؤهلة للانحدار نحو النهاية في أي وقت في سرعة قياسية لا يستطيع احد تداركها.
ما تحدثت به المبعوثة الأممية في العراق امام مجلس الامن الدولي في أحدث ايجاز لها عن الموقف في بلد مشلول سياسيا وقريب من السقوط في ما هو أسوأ، يقرب للعالم الصورة الحقيقية للعراق بعد ما يقرب من عقدين من الزمن على تغيير النظام السياسي فيه بنظام بديل اسسه الامريكان عبر الاحتلال العسكري، ثم تفرعت الأوضاع الى وجوه أخرى.
المبعوثة الأممية تتحدث من عمق المأساة التي تراها وتتطلع على تفاصيلها كل يوم، لذلك لا يمكن لمجلس الامن الدولي تجاهل قراءتها وعدم اخذها على محمل الجد، لاسيما حين تقول ما نصه:
خيبة أمل الشعب قد وصلت إلى عنان السماء. لقد فقد العديد من العراقيين الثقة في قدرة الطبقة السياسية في العراق على العمل لصالح البلد وشعبه. ولن يؤدي استمرار الإخفاق في معالجة فقدان الثقة هذا سوى إلى تفاقم مشاكل العراق”.
وقالت ايضاً ان «النظام السياسي ومنظومة الحكم في العراق يتجاهلان احتياجات الشعب العراقي. ويمثل الفساد المستشري سبباً جذرياً رئيساً للاختلال الوظيفي في العراق. ولا يمكن لأي زعيم أن يدّعي أنه محمي منه. وإبقاء المنظومة «كما هي» سوف يرتد بنتائج سلبية”
و»ان المحافظات الجنوبية تشهد مناوشات مسلحة والطبقة السياسية غير قادرة على حسم الازمة. “. وأشارت الى ان الخلافات تتغلب على لغة الحوار.
هذه اكثر الصور القاتمة التي تحيل الى الفشل السياسي، بل انها دعوة صريحة الى المجتمع الدولي بقيادة واشنطن الذي استحدث النظام السياسي المتداول في البلاد منذ عشرين سنة الى إحلال نظام بديل تفرزه مطالب العراقيين انفسهم، ولا احد يفرضه مرة، ثانية على البلاد.
تبدو بلاسخارت كأنها تودع مهامها في العر اق بخلاصة موثقة تفيد انّ لا حل متاح في ظل الخارطة السياسية الحالية، ونقلت بلاسخارت الكرة الى ملعب مجلس الامن الذي سيكون في موقف اخلاقي وتاريخي لا يمكنه التهاون فيه عند التعاطي على الوضع العراقي في ازمته التي تشل البلاد او في المستجدات المستقبلية التي ستعيدها الى المربع الأول، واي مربع هذا ، بعد ان كثرت المربعات؟