كانت ديانتها وثنية ،وكان لها جيش قوي لا يقهر وأساطيل تجوب البحار وممتلكات
واسعة .تلك هي روما في تاريخها القديم ..بعظمتها وسلطانها ونفوذها ،أباطرتها لهم سلطات مطلقة في طول البلاد وعرضها ,ومجلس شيوخها يدعمهم على الدوام بقوانين عرفت بأنها قوانين رومانية صارمة صاغها مشرعون لهم باع طويل في هذا المضمار
وكانت للرومان حضارة استمدوا بعضها من تراث الأغريق وأضافوا اليها ما أنتجته قرائحهم .غير أن الخلل الذي ركبهم هو أنهم جعلوا من أنفسهم أسيادا وبقية الشعوب الخاضعة لهم عبيدا .
ان استعباد الشعوب ليس ما تبرره القوة العسكرية التي بيدهم والشراسة التي أستخدمت في قمع أي عصيان .
ولم تكن ثورة العبيد التي قادها سبارتكوس الا تحديا للظلم والطغيان الذي مارسته القيادة الرومانية بأتباعها .
مما يؤلم حقا أن نرى في حضارة كالحضارة الرومانية التي شرعت قوانين لها اعتبارها أن تظهر على السطح ظاهرة هي أبعد ما تكون عن روح القانون ألا وهي اقامة احتفالات لمشاهدة مباريات يتقاتل فيها الأسرى بعضهم مع البعض قتالا وحشيا ينتهي بالموت لأحد الطرفين .
مشهد يثير الأشمئزاز في مسرحية أبطالها عبيد وقعوا لسوء حظهم في الأسر ، ومما يزيد الطين بلة أن الأقوياء منهم هم الضحايا ، يتفنن أسيادهم في تعذيبهم ، ولا تأخذهم رحمة وهم يتسلون بهم حينما يكون المشهد أكثر اثارة في صراع دام بين الحيوان والأنسان ..
بين أسد جائع وبين عبد مضطهد .
الا أنه بعد حين من الزمن تفجر الغضب في دماء العبيد ليثوروا بوجه أسيادهم الطغاة .
وقد كلفت هذه الثورة روما الكثير من الجهد والمال لبضع سنوات .
ومن سوء حظ هذه الثورة أن كتب عليها الفشل وهي في أوج عنفوانها ،ذلك أن روما
استخدمت أقوى فيالقها العسكرية لمواجهتها ومطاردتها وسحقها .
ولم ينته الأمر الا بالأيقاع بقائدها واعدامه صلبا هو وكبار أتباعه .
ظلت روما سيدة العالم لقرون ولم تضعف الا بانفصال ذلك الجزء الشرقي من امبراطوريتها وهو ما سمي بدولة بيزنطة التي أصبحت عاصمتها القسطنطينية ، ونشب صراع عنيف بين الطرفين .. ثم بعد حين من الدهر انقض البرابرة على روما وأسقطوها في عام 6 7 4 م .
وأغرب ما في الأمر أن روما الوثنية تحولت بعد قرون من ميلاد المسيح الى روما الكاثوليكية بعد أن أذاقت من تنصر من أتباعها الويل والتعذيب والموت .
ان البرابرة الذين حكموها هم من آمنوا فيما بعد بدين المسيح ، وفي هذا من المفارقات ما يحير العقول ويجعلنا نتساءل كيف تم هذا التغيير في عالم كانت فيه القوة والوحشية والشراسة هي السائدة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *