ربما كانت فطَيّمة هي الحكومة العراقية التي ضاعتْ في سوق الغَزِل حسب القول البغدادي المأثور الذي تحدث عن قصة رجل بَدوي دخل إلى بغداد بِصُحبة إبنته فطَيّمة، ومن شِدّة الإزدحام أضاعها في سوق الغَزِل وبدأ يُنادي بإسمها في السوق الذي كان يمتلئ بأسماء فطَيّمة وخُميّسة وزنوبة إلى أن إنبرى أحد أصحاب المحال وقال له: “عمي إشبيك إنته…منو يُعرف فطَيّمة في سوق الغَزِل”.
لم يتصور العراقيين أن جيفارا العراقي الذي حكمهم لمدة لاتتجاوز العامين كانت بِحق سنين عِجاف تحمل من الفساد والإفساد أكثر من مجموع ماصنعه الذين تولّوا الحُكم بعد عام ٢٠٠٣ السابقون وحتى اللاحقون.
جيفارا العراقي الذي مارس سياسة قطع الأرزاق وحتى الأعناق من أجل البقاء في السلطة في أبشع ثمن كان يدفعه الشعب تحت قيادة هذه السلطة.
شعارات وأحاديث جَوفاء وصور فيسبوكّية ليس أكثر هي كانت مُحصّلة هذه السلطة وليس الورقة البيضاء وحتى السوداء التي خَدعوا بها السُذّج بِمشروعهم الوهمي.
سياسة التجويع التي مارستها هذه السلطة إبتداءاً من تهديد الموظفين بقطع مصادر رزقهم (الرواتب) وإنتهاءً بحجم الثروة الهائل الذي هبط على العراق جرّاء إرتفاع أسعار النفط دون أن تُشعِر تلك البحبوحة المواطن العراقي بتغيير في (الطاسة والحمّام).
في أحيان كثيرة يسخر الشعب من واقعه ويتسائل ماذا لو إستمر هؤلاء في الحُكم لِسنوات طويلة؟ وكيف سيُصبح حال الشعب أو مُستقبله حين يستمر نهب ثرواته ومُدّخراته بهذا الحجم الهائل على أيدي السُرّاق واللصوص والنّهاب؟.
ربما سيكون الجواب أنهم كانوا سيبيعون البلد بالتقسيط المُريح.
ضاع منهم الحَياء والخجل وهم يتسابقون إلى شاشات الفضائيات لِيُعلنوا عن إنجازاتهم الوهمية، في حين كل ما أنجزوه كان مُجرّد ثرثرة عاهر.
مليارات الدولارات سُرِقتْ ولازال سوق النهب مفتوحاً على مِصراعيه تحت سمع وأنظار من يَدّعي مُحاربة الفساد، ليتأكد للقوم أن خير من تتحدث عن الشرف هي العاهر.
ضاعتْ الحكومة بِسوق الغَزِل وضاع معها مايُثبت هويتها، فلم يعد الشعب المنهوب يعرف أين ومن سرق أمواله وخيراته التي ضاعت في سُوق السُرّاق واللصوص.
جيفارا العراق الذي أوهم الشعب في أول خِطاب له عند جلوسه على كُرسي السلطة بأنه يتباكى على أحوال الفقراء وإنه جاء من أجلهم، لم يجد هذا الراقص مع الثعابين سوى رفع سعر الدولار مقابل الدينار لينتقم من هؤلاء الفقراء الذين خَدعهم بإسم ثورة تشرين وحكاياتها.
في سوق الغَزِل ضاعتْ فطَيّمة أو الحكومة عندما تشابهت الأسماء والعناوين عند الشعب في مُسميّات الفساد والنهب حين إختلط الحق بالباطل والخِداع بالصواب.
في كل صباح يستيقظ المواطن على عنوان سرقة جديدة وأسماء لصوص جُدد ومُحترفين، في حين لم يعد يهتم بِمن سرقه أو يسرقه لأنه يُدرك أن دوامة الفساد لن تتوقف مادام سوق الغَزِل ضائع فيه كل شيء.
صفحات تُطوى كل يوم من حياة هذا الشعب تُهدر من خيراته وثرواته ما لم تَره عين أو تَسمع به أُذن ليبقى السؤال متى يصحو الشعب على سُرّاقه؟ ومتى يستوعب الدرس أن ما حَكَّ ظَهرك غير ظُفرك؟ هل سَيُرفع ذلك السُبات الذي خَيّم على حياته؟ عسى أن يكون ذلك قريباً.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *