-1-
هناك طبقة من الشعراء لاتهتم بشيء قدر اهتمامها بالتقرب مِنَ الحُكّام واجتذاب قلوبهم عبر انشاء وانشاد القصائد التي تلهج بالمديح والثناء والتغني بأمجادهم ومناقبهم ووقائعهم
-2-
يصنعون هذا وهم يقرأون القرآن الذي يقول
( ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار )
ولكن حب المال والطمع في جوائز الحُكّام ينسيهم الدار الآخرة ، كما ينسيهم وجوب اتخاذ الموقف السليم الخالي من المؤاخذات الشرعية والاخلاقية .
-3-
ومن هؤلاء الشعراء (اسحاق الموصلي ) الذي وُصِفَ بالفهم وطول خدمته للملوك”
وكان قد أعدَّ قصيدة عصماء حين اكتمل بناء قصر المعتصم بالميدان وجلس يستقبل الناس فأنشد اسحاق الموصلي قصيدته ومطلعها :
يا دارُ غَيّركِ البلى ومَحَاكِ
ياليتَ شعري ما الذي أبلاك
لم يكن ( اسحاق الموصلي ) غبيا الى الدرجة التي لا يستطيع معها ان يدرك أنْ هذا المطلع .. مطلع بائس لا يصح أنْ ينشد في يوم الاحتفاء بالدار ،
ولكنَّ الله اعمى بصيرتَه فلم يفطن لما ضَمّه هذا المطلع مِنْ ثغرات واضحة، واوصاف غير صالحة ، ليبوء بالفشل والخيبة بعد ان سار في ذلك الدرب المشين درب امتهان المديح الزائف للظالمين
-4-
وجاء في التاريخ :
ان المعتصم قد تطير من القصيدة وتطيّر معه الناس وتغامزوا ..
وانتهى المطاف بالمعتصم ( أنْ خرّب القصر بعد ذلك).
انّ السير في ركاب السلاطين والحُكّام –بكل ماهم عليه من قرارات جائرة وممارسات ظالمة – لن يوصل المرء الى مرافئ السلامة والنجاح .
وبالتالي فان الرهان على الفوز بالاصطفاف معهم رهان خاسر
وهنا تكمن العظة .