النوداي ألليلية في العراق ،التي باتت تسمى اليوم (مطاعم) من باب تحسين السمعة،أمر مفهوم أن من يعمل فيها لاصلة بما يقدمه مع الفن ، لكنه يُحسب عليه زورا وبهتانا، وهذا ما يُسبِّبُ حرجا شديدا لكل الفنانين العراقيين الحقيقيين الذين يعملون في المسرح والسينما والتلفزيون .

ليس جديدا إذا ما قلنا بأن غالبية العاملين في النوادي الليلية (نساء ورجال ) لا ينضبطون في ما يقدمونه يوميا لرواد هذه الأماكن، لأية قواعد أخلاقية في كثير من الأحيان، وفي ما لو بقي فنهم الرخيص والمبتذل، معزولا بين جدران النادي، سيكون وجودهم واستمرارهم في العمل أمرا يمكن قبوله إلى حد ما ، حيث سيبقى تأثيره مرهونا بهذه الأماكن وروداها الذين لاأشك أبدا في أنهم يشبهونهم في أخلاقياتهم ، التي تعكسها بوضوح تام، بذاءة الكلمات التي ترد في أغانيهم وفي إيحاءات حركاتهم الجسدية الخليعة. لكن وبعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة التك توك ، إستثمرها هؤلاء ، لترويج مقاطع فديوية مما يقدمونه يوميا في هذه المواخير ،وأصبح من يتابعهم يزدادون يوميا بشكل مخيف،وبطبيعة الحال فإن غالبية متابعيهم يكاد أن يكونوا من الشباب المراهقين، إضافة إلى عينات أخرى( لايستهان بسعتها) عادة ما تفتقر إلى الوعي والحصانة القيمية، ومنهم من استثرى هذه الأيام بشكل سريع ،نتيجة عمله اللاشرعي، بسبب شيوع الفساد والرشى في كثير من مفاصل الاجهزة الحكومية. هنا بدأت هذه الظاهرة تشكل خطورتها بعد أن اخذت مقاطع الفديو تنتشر وتحوز على القدر الأعظم من الاهتمام والمتابعة، مقارنة بمقاطع أخرى تخلو من صور الانحلال ، بل على العكس تتضمن محتوى تتوفر فيه الفكرة الجميلة والمضمون الهادف ،اعتاد أن ينشرها أشخاص في مجالات مختلفة من الأنشطة الانسانية . وإزاء هذا الانتشار تمادت هذه الفئة الرخيصة، وبدأت تتجرأ في إطلاق ألفاظ بغاية الوقاحة والانحطاط، فيما الأموال تتناثر فوق رؤوسها ، كما أقيمت على شرفها حفلات كبيرة ،حضرها مسؤولون في الدولة وتم تغطيتها عبر وسائل الاعلام . إلا أن أبشع ما في هذه التفصيلة المخزية أن يتم دعوة هذه النماذج من قبل الفضائيات وتجرى معهم/هن حوارات باعتبارهم ( فنانين ..! ) ويرد في هذه الحوارات، أسئلة أقل ما يقال عنها أنها لاتحترم الجمهور ، على اعتبار أن العوائل تشكل أكبر شريحة تتابع البرامج التلفزيونية، كما أنها لاتتفق مطلقا مع أبسط المعايير المهنية في العمل الاعلامي .

اما الأجوبة ،فحدِّث ولاحرج في ذلك ، لأنها معبأة بالوقاحة والأستهتار بكل القيم والثوابت الاجتماعية والدينية ويخجل الانسان عن ذكرها . وحسنا فعلت وزارة الداخلية العراقية عندما أصدرت مؤخرا، قرارا باتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق هذه النماذج، بموجبه منعتهم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر غسيلهم القذر على الملأ . بهذا السياق نأمل أيضا من نقابة الفنانين العراقيين ، أن تسحب من هؤلاء ورقة العمل إذا ما تجرأ أي واحد منهم / هن على نشر اي مقطع فديو في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تفرض عليه/ها غرامة مالية كبيرة ، وبغير ذلك فإن العمل في المجال الفني سيصبح مرتعا موبوءا يرتاده الشاذون والمنحرفون ، وسيقطع الطريق إمام الفنانين العراقيين ، مما سيرغمهم بالتالي على اتخاذ قرار الابتعاد والتوقف عن العمل، حفاظا على كرامتهم الشخصية، ،وحرصا على سمعتهم وسمعة عوائلهم، لأن معظمهم يحملون شهادات أكاديمية.

الأمم عادة ما تحرص على أن تزيل أية معرقلات تقف في طريق مبدعيها من الفنانين ، لأنها تدرك جيدا بأنهم القوة الناعمة، وأن الفنون أفضل أداة في إحداث التغيير في المجتمعات، لأن رسالتها تمر عبر قيم جمالية، كما أنها تعزز شعور الانسان بانتمائه لبلده وإلى الانسانية أجمع .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *