قبل عشر سنوات ونيف ( نيف يعني شويه مو أسم ولد ) وصلت الدنمارك في الثاني عشر من شهر أكتوبر ، كانت شقتي في الطابق الثاني ولها أطلالة جميلة على الشارع والحديقة الغناء الممتدة الى حتى ضفاف بحيرة صغيرة ، لازلتُ أتذكر أفلام كارتون ساندي بيل وتلك المروج الخضراء التي كانت تقطعها مسافرة ، ويدور في خاطري حلمُ رؤية هذه المروج والتلال الخضراء التي تمرح على سفوحها قطعان الأغنام ، ولطالما رددتُ بداخلي خجلاً من البوح .. هل تأتي تلك اللحظة التي أرى بها كل هذا حقيقةً وأنا القابع في قريةٍ نائيةٍ لاتوجد لها علامة في خارطة العراق !!

وشاءت الأقدار أن أصل تلك الديار وأعيد شريط أفلام الكارتون وأرى كل تفاصيلها حقيقةً لا حلم !

ولأني لم أشاهد الثلج حقيقةً ألا في ترمز الماء في صيفنا القائض حيث كان أبي رحمه الله يجلب لنا ربع قالب ثلج مع عودته من العمل ، لكن الثلج المتساقط من السماء كالقطن المتطاير من مضرب النداف لم يكن مألوفاً لي ولم أشاهده من قبل ، وبعد عدة أيام قضيتها بجوٍ صحو أقضي لياليه في حديث مع جارتي العجوز أيمي ( الله يذكرها بالخير ) والتي كانت متشوقة لسماع كل شيء عن العراق والعرب والأسلام وأجيب أسألتها مراوغاً عن حقائق كثيرة أجد في تجنبها حلاً وهروباً من الأحراج !

وبعد أيامٍ قلائل بدأ الطقس يكشر عن أنيابه ويهجم الشتاء بقسوة تزيد برودة الناس والحياة هناك ، ويتساقط الثلج في موسم عده الآهالي مبكراً حينها ، وأقفز فرحاً نحو النافذة لأشاهد الثلج المتساقط وأمد يدي خارجاً لمسك بعضاً منه وتذوقه لأكتشاف هذا الحلم الطفولي !

كوب شاي معتق وصوت كريم منصور القادم من الحاسوب وتراقص كرات الثلج في سماء الشارع كانت كافية في جعلها ليلةً مميزة بكل ماهو جميل ، وهكذا بدا الثلج يتزايد وتختفي ملامح الشارع والسيارات المركونة في كراج العماره ، وزادت فرحتي اعتقادي أن غداً ستكون عطلة أذ لاسبيل للخروج والتنقل من خلال تلال الثلج ! ولكن للأمان قررت ضبط المنبه كما هو المعتاد على الساعة السابعة لأنهض وأرى والصباح رباح ، كنت متيقناً أنها ستكون عطلة لأستحالة الخروج جراء تراكم الثلوج ، وفي الصباح نهضت على صوت المنبه وأسرعت الى النافذه لأرى الموقف على الأرض متأملاً صدق توقعي لأعود لفراشي الدافي وأكمل نومتي، كانت المفاجأة بأن عمال البلدية قد شقوا طرقاً للمسير كخنادق الجنود والطرق مفتوحة والسيارات تسير بأريحية وأسراب الأطفال تملأ الخنادق بأتجاه المدارس ، لم أستغرق طويلاً في أستيعاب مايحدث وهرعت لأعداد فطوري وطقطقت بيضتين ع السريع لأغادر مسرعاً الى الجامعة

شاهدنا ..

بالصيف عطلة لأرتفاع الحرارة

وبالشتا لأن تمطر

والعطلة دائما حل لتغطية فشلنا الخدمي.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *