قبل اللقاء الجماهيري الكبير للعراقيين في خليجي البصرة مع اشقائهم أبناء الخليج العربي، كانت العلاقات بين العراق والدول الخليجية بيد الحكومات التي تتعاقب في بغداد، الى جانب شخصيات سياسية طالما استغلت أسماء وعناوين مكونات اجتماعية في البلاد واختزلتها زوراً وبهتاناً لصالح مكاسب تصب في جيوبهم وليس للعراق مصلحة حقيقية فيها .
بعد بطولة الخليج، اصبح للعراقيين حماسة اكبر من ذي قبل في الانفتاح على الخليجيين، ولكن الامر اذا ترك للحكومات فلن نقطف ثمار هذا الانفتاح وستراوح الأوضاع عند مواقف محددة لا تخلو من ضيق الأفق وقصر النظر احياناً.
لابدّ من الانتقال الى مرحلة انفتاح الفعاليات الفكرية والفنية والثقافية والاجتماعية والعلمية بين العراق ودول الخليج، عبر جمعيات واتحادات وربّما نقابات وشخصيات وازنة، لا تمثل السلطات الرسمية أو القوى السياسية، وليس لها أهداف سوى اثراء العلاقات بين أبناء المنطقة العربية بما يعزز أجواء الثقة ويصحح المفاهيم الخاطئة التي شاعت بحكم الاستخدام السيء لوسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لأكاذيب احتملت إعمام السلبيات على شعب كامل أحيانا في دولة عربية معينة بسبب مواقف فردية على الشبكة العنكبوتية، ربّما لا احد يعلم مَن الذي دفع لاتخاذها ولمصلحة مَن، في ظل غياب الرقابات المسؤولة على المنشورات الشعبية للناس العاديين، خاصة عندما يتناولون أموراً اجتماعية تتضمن اساءات وتستطيع أن تمر من دون عين رقيب رسمي كونها لا تخص شأناً سياسياً مباشراً، كعادة العرب في التعامل مع المنشور في وسائل الاعلام او التواصل الاجتماعي ايضاً.
نريد أن نعرف ما ثقل تبادل الوفود الموسعة والفعاليات ذات المشاركات النوعية الكبيرة لاتحادات أدبية وفنية وصحافية وجامعية في خلال العقدين الأخيرين؟ تكاد تكون النسبة متلاشية، وكل شيء كان مرتبطاً بالخضوع لتأثيرات سياسية وجهوية في العراق، وربما لدى بعض الدول الخليجية أيضا، مما جعل الشك يغلب اليقين والسلبيات تطمس الإيجابيات، فيصاب المشهد كله بالركود.
الانفتاح في الفعاليات الشعبية وغير الرسمية، يوفر خطوطاً دفاعية غير مباشرة لمنع العلاقات الرسمية من الانتكاس عند التعرض لهزات وثغرات معينة.
مَن كان له هذا الرصيد الشعبي المتبادل من المحبة والتقدير والاعجاب بين العراقيين والعرب الذين شهدوا فعاليات خليجي، يشعر انّ زمناً طويلاً ، كان يمكن ان تنضج فيه ثمار العلاقات بين العرب، جرى إهداره بسبب مواقف فوقية أو نفعية ضيقة ليس للشعب صلة بها