بعد التغيير بدأت هذه التجربة وتحديدا كانت قناة الحرة عراق عبر برامجها بالعراقي وبرج بابل وبين جيلين ومن ثم حدت بعدها القنوات المحلية الاخرى لتسلك نفس النهج
وتحت عنوان الديمقراطية واحترام الاراء ولان الطيف السياسي كانت فيه نخب مثقفة بحكم عملها السياسي خارج البلاد مع مجموعة صغيرة من نخب الداخل
كان التركيز عادة في اختيار الضيوف على اساس الموقف من التجربة الجديدة بين مؤيد للوجود الامريكي والرافض له
وكان الكورد والشيعة تحديدا مؤيدين وبشدة الوجود الامريكي لانهم اسقطوا خصمهم صدام ونظامه السابق فيما بقيت النخب السنية في ظهورها الاعلامي تهاجم وتنتقد الوجود الامريكي وتصفه بالمحتل كونهم اصحاب السلطة التي انهارت على يد الامريكان
الضيوف كردي وسني وشيعي ثم بعد مدة بدأت تتحول الاستضافات على اثر التحولات الاجتماعية بين الاسلاميين من جهة والعلمانيين واليساريين والليبراليين من جهة اخرى والخلاف حول الدستور وفقراته وبعض القضايا الاجتماعية
تحولت تلك الاستضافات فيما بعد سنوات بسبب الاوضاع الامنية الى من هو من يصف الجماعات المتشددة بالثوار والاخر يصفهم بالا ر ها ب واستمرت هذه لحين انتهاء الحرب وازاحة تلك الجماعات
ومنذ اندلاع احداث تشرين وما بعدها تتم عادة اختيار الضيوف من هو مؤيد للحراك الاحتجاجي ويصفه بالثورة ضد الطبقة السياسية وان كان المقصود تحديدا القوى الشيعية الاسلامية وبين من هو يرفض هذا الحراك ويصفه بالمؤامرة والمشروع الجديد الامريكي
الى ان انتهت الانتخابات وبدأت البرامج الحوارية بالتركيز على الاكشن واستضافة من هو يؤيد الاطار والاخر يؤيد التيار ويبدأ صراع الديكة داخل الاستوديو
واحيانا حتى من هو ليس منتمي يتم استدراجه وتحويله امام الراي العام بانه مؤيد لاحد التوجهين فلا توجد منطقة وسطى او رمادية لطرح فكرة مختلفة وان طرحت فليست مهمة لان الاهم هو التركيز على الصراع ومحاولة اشعاله على مستوى الحوار وتداول تلك المقاطع في المنصات ويبدأ جمهور الفريقين بالشتم والسباب بين مؤيد لهذا الضيف ومعارض للضيف الاخر حتى صارت البرامج الحوارية في الاعلام المحلي كلها تقلد برنامج الاتجاه المعاكس الذي يقدمه فيصل القاسم من على شاشة قناة الجزيرة
الادهى من ذلك وجدت بعض وسائل الاعلام الاجنبية ان هذه الطريقة جيدة لاثارة الراي العام العراقي وراحت تهرول لتقلد نفس الطريقة العراقية في انتقاء الضيوف بل وسؤالهم قبل الاستضافة انت من الاطار ام من التيار
حتى لو لم تنتم الى الاثنين فهم يحولونك الى احدهما وتظهر بشكل او باخر انك منتمي الى احد الطرفين
هذه الظاهرة في البرامج الحوارية اصبحت مجرد تسلية للمتلقي ليقم بالضحك على مايدور من اكشن وشو لانها فاقدة لاي محتوى ممكن ان يقدم ذا فائدة
المهم عدد المشاهدات والاعجابات للوسيلة الاعلامية
ولكن من دون اي فائدة حقيقة للمجتمع وبذلك تم تغييب الحاجات الاساسية التي يفترض ان تطرح بالاعلام على مستوى الاداء الحكومي والخدمات والاقتصاد والمشاريع والمواضيع التي تخص الثقافة والقانون وبناء المجتمع على اسس سليمة وصحيحة ومنعه من الانهيار