الكاتب احمد العيفاري

 

 

كنتَ في طورِ التجربةِ ، كانتْ أسناني تتدربُ على العظْ ، ألعابي أكبرَ منْ حجميٍ بكثيرٍ ، حتى اذكرْ كانتْ أحدُ ألعابي ( أبي ) ! ! كانَ كلُ شيءٍ حصانيٍ وسيارتيْ وطائرتيْ ، لنْ يتعبَ أبدا ، حتى في مرةٍ قلتُ لهُ وهوَ بملابس العملِ الشاقِ كانَ حدادا متمرس ، أبي نمَ قليلاً بعدها نلعبُ ونلعبُ ، رد قائلاً ؟ أنتَ جزءٌ منْ عمليٍ لكنكَ غيرُ شاقٍ أبدا ، قبلني بحرارةٍ ، وضحكَ ، رأيتُ في تلكَ الابتسامةِ مستقبلي كانَ اللهُ أزالَ عني الحجابُ ورأيتُ المستقبل ، كانَ أبي كالربِ لي ، يأتي بالخيرِ لي منْ حيثُ أشاءُ ولا أشاءُ ، كانَ ممطرا صيفا ، دافئ شتاءٍ ، أبي كانَ ملاكُ راقصا ، لمْ أراهُ مستاءً أبدا أمامي ، أذكرُ مرةٌ بأحدى سفراتي إلى حضنٍ أبيٍ ، احتضنني حتى صرتَ بمكان قلبهِ ، قالَ لي بنيَ أنتَ تنبضُ لي ، حينها قفزتْ منْ أعلى قمةٍ على صدرهِ ممتلئٍ بالحبِ ، كانَ معلمي يسألُ ، ما اسمُ أبيكَ ؟ أتحولُ كالجبلِ منْ شدتْ الفخرَ ، أبي . . .

اسمُ أبي . . . .

أبي لا يحدهُ اسمٌ هوَ اسمهُ محمدْ لكني أنعتهُ بالمطرِ ، لأنهُ الماءُ لي كلما اتيبسْ ، كنتَ اشتاقهُ جدا رغمَ أني لمْ أفارقهُ . كانَ يومُ التحاقهِ يوما مشؤوم ، فيهِ تختفي الغيومُ والعصافيرُ ، كأنها تسافرُ معهُ حاملةَ حقيبتهِ ، وعندَ رجوعهِ يخظرْ كلَ شيٍ ، لا أبالغُ إنَ قلتْ بخروجِ الوردِ منْ جدرانِ الغرفةِ إما النوارسُ الطائرةُ فوقَ الشاطئِ المجاورِ لبيتنا تحتفلُ راقصه ، فقدْ جاءَ الجنديُ الذي يُقدم لنا الطعامُ في كلٍ صباحً ، منها منْ يلامسُ قدميهِ ومنها منْ يحطْ على رأسهِ ، كانَ عملاقا منْ العطاءِ ، لكنهُ دائما ما كانَ يقولُ لي بنيَ ارتكزَ جيدا فأنا أريدكُ أنْ تعتمدَ على نفسكَ ، فينتابني شعورُ ذلكَ الذي تنطبقُ عليهِ السماءُ بعدها يكملُ بني لا تسرحُ  ارتكزَ جيدا ، أذكرُ ذات مرةٍ رجعتْ منْ المدرسةِ للبيتِ وجدتْ ملامحَ أمي متغيرةً ، قالتْ المطرَ تأخر لمْ يتصلْ ، قلتْ دامعا لما تأخرَ ، قالتْ ولمْ يردْ على مكالماتي أبدا ، فزعتْ ، اضطربتْ ، بكيتُ ، صرختْ ، أينَ أنتَ يا مطرٌ ، حتى جاءَ الخبر ، أتاكَ فصلُ الجفافِ أبوكْ ذهبَ ليطلبَ حقكَ فماتَ ، آهٍ يا مطرٌ آهٍ . . . غابَ كلُ شيءٍ بلحظةٍ ، اختفى المطرُ تيبستْ أمي أصبحتْ عجوزا بعمرِ الثلاثينَ وانا بدأَ خريفُ عمري بالتساقطِ ورقةً . . . ورقة منها عرفتْ لما قالَ لي ارتكزَ هذا آخرٌ التحاقٍ لأبي لكنَ إلى السماءِ وليسَ إلى المعسكرِ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *