المربعانية عيدت ! يقول لي سائق التاكسي وهو يرمقني بمعطف شتوي ثقيل ؛ اذلا امان للطقس هنا ؛ رغم ان ملامح آذار تدعو الناس الي الطمأنينة بصدد الفواتير الواطئة الكلفة التي ستدفع للكهرباء . ازنخ الشهور هو شباط ! رغم انه الاقصر حتى في السنوات الكبيسة فهو الاعلى في حجم المدفوعات اللازم تسديدها بعد ان يدس لك الحارس الفاتورة من تحت الباب في شقة دافئة تماما في مناخ قطبي .

اليوم ذكرني حيدر الانصاري مخرج برنامجي ونحن نتجاذب اطراف الحديث انتجنا كفريق واحد عددا هائلا من الحلقات .. اننا قدما على ذات الطائرة من مطار بغداد الي مطار الملكة عالية بعمان ونزلنا في غرفة واحدة في شقق البدر في دوار المدينة الرياضية . حيييل 17 عاما مرت كمر السحاب الماطر .

ساذكر نتفا من تلك الايام (حميد عبد الله يجالسني في مقهى فريد زمان في شارع الجاردينز )

كان هناك مقهى نت في ذات الشارع اسمه الواعد ننفق فيه كل يوم 7 ليرات اردنية للتواصل قبل اختراع التطبيقات الهاتفية في دردشات لاطائل منها . قال لي المغترب المقيم في متشيغان الامريكية على الماسنجر وبحجم الشاشة الكبيرة : (الثلج عندنا الى الثدي)! قلت (نحن الحمد لله الى الركبة – ميني جيب) .

اغلقت الشاشة ودفعت حسابي ثم نزلت واذا هو امامي وجها لوجه اراد ان يمثل علي دور من استغفلني واحاطني بذراعيه قلت له بصوت عال : الان عرفت لماذا طلبت منك نسوانك الطلاق !

مر بي اناس كثيرون صحبتهم عند ركبتهم ..

الان تذكرت اغنية صباحية لعفيفة اسكندر : مر بي عاشق الورود صباحا بعدما باع نرجسا واقاحا !

اناس بمهن غامضة ووظائف لايهمني التحقق من صدقيتها فاصحابها كرام جدا معي وينفقون علي دون وجع قلب .لكني افتقد وجودهم فيما بعد في ذات المطاعم العراقية التي تعيدنا الى رائحة الشعبي من الازقة القديمة .بعد ان يشاهدني صاحب المطعم في الحلقة المعادة يوم الجمعة يهمس باذني : صاحبك الكريم عليه ديون كثيرة يقرأ لافتة مكتوب عليها ( الوير ممنوع ) لكنه يحلف مطلقات نسواني بالثلاثة ثم يعدني بالسداد ثم يحنث في وعده . ثم اعفيه من الدفع شرط الا يريني وجهه .

عمان جميلة اثق بها واشعر انها من برجي ليست عبثية عاقلة صامتة ليلها ليس صاخبا ؛ تشعرك بالامان ؛ كثير من بيوتها نوافذها غير مضاءة ليلا ماينبعث منها النور سكانها عراقيون قطعا .

عمان لانهر فيها ! ولاتشكو العطش وغير معنية بالتصحر الذي يضرب اطنابه اليوم في بلاد المسؤولين الراقدين حراس بلاد الرافدين الذين لايتدبرون الامر مع دول الجوار حسبما يقول لي المحلل السياسي الذي يتمنى ان يستدعى الى الحصاد بعد العاشرة ليفشي غليله على الشاشة .

في اعماقي صهيل من صبا مقام يؤديه ضاري العاصي من البرتا الكندية ..لو مات منا امرؤ في الارض ندفنه لو ماتت الارض قل لي أين ندفنها؟

خبراء التصحر من اكاديميين استضفتهم سابقا يدعونني الى الافراج عن حوارات سابقة اعقبتها فيضانات وسيول غرقت في شوارع في مدن حتى بربرقت واستغاثت وطلبت ان تضم الى قائمة المدن المنكوبة ! خبراء الزلازل ممن استضفتهم ايضا ينتظرون اعادة الحوارات السابقة او تجديدها بحكم تقنيات الرصد الحديثة وشمول مناطق خارج الحزام الزلزالي .

امضيت عدة رمضانات خفيفة الوطء هنا حيث لاجوع ولا عطش في اصياف مثالية في مدينة شعارها (اجعل صيفك ربيعا ). لكني قررت أن( ارمضن ) وفق المتداول الاردني ببغداد . لكني سوف افتقد شارع الجاردينز الشبيه بشارع السعدون وختامها دوار الواحة التي تماثل عندي ساحة التحرير الافتراضية .

ايه بغداد والليالي وكتاب ، ضم افراحنا وضم المآسي،عبث الدهر في بساتينك الغناء، والدهر حين يعبث قاسي.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *