لا بدّ من خلع القفّازات حين النزول إلى الشارع والعراك مع أولاده وبناته ونسائه خاصّة، فعندما لا تجدن من يدلّهنّ على الطريق الصحيح من الرجال، لأنهم ربما كانوا غائبين أو نائمين، أو أنهم على سفر، فالمعروف عن بعض الرجال الكويتيّين كثرة الارتحال في أرجاء العالم طلبا للمتعة بتبديل النساء والطعام والشراب، وقيل إن النعمة مصيدة للشيطان، والزيادة منها ضارّة لأنها تقود إلى امتلاء البطن واكتناز البدن بالشحم وما يؤدي ذلك إلى بطر وكسل وتفوّه بالرأي التافه. وتقول في سرّك ربما خلا دار جارك من أهل العقل، فيكون عندها لزاما عليك، من أجل أن تعطي حقّ دارك وجارك، أن تختار ما يردّ نساءه وصبْيانه عن جهلهم المكين، ولا تملك في هذا الشأن غير النصح، وإن اضطررت إلى أن توسّخ لسانك مع من لا يستحقّ معه الجدال والتشاور والنصح، لكن في الحياة حقوق وواجبات لا بدّ منها، ومنها ما يخصّ الجار، وجار الجار، والجار الجُنُب كذلك.

سمعنا وقرأنا في الصحافة وعبر قنوات الاتّصال الاجتماعي عن نبْزٍ طال أهل العراق من الدولة الجارة، عبر مسلسل تلفزيونيّ لا يخدم الحقيقة في التاريخ وفي الواقع، وهذا أمر لا يقوم به إلاّ من كان في عقله لوثة أو في وجدانه عطبٌ يتعذّر إصلاحه إلى نهاية العمر. وإلاّ ما معنى أن يتعالى على جيرانه أحد طار وطنه أكثر من مرّة، وصار بخارا، وعاد البخار على الزّجاج، وجاء من يخطّ عليه اسم (دولة الكويت). نادى ثلاثة من رؤساء العراق _ نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وصدام حسين – بأن الفرع يجب أن يعود إلى الأصل، فخير له أن يصير بضعة منه، بدلا من أن يكون جزءا نافرا مثل الزائدة الدّوديّة، يأتي منها العلّة والسمّ إن هي مرضتْ، ولا دواء لهذا الداء غير استئصال العضو الخبيث المسبّب.

قلنا طارت الكويت أكثر من مرّة، وكأن ما يأتي من بعض ناسه من باطل يقصدون به أن يتبخّر هذه المرّة، فلا تنزل منه ولا قطرة غيث أو غبار أو ندى. الحذار من البطر والرأي الفطير يا أهل الخير في الدولة الجارة، فمن المحزن أن نذكر أن بلدتكم صارت محافظة عراقيّة لزمن طال أم قصر، فهو يدلّ على أن الزمان غادر فلا يأتمنّ له أحد أبدا، ولا يركن كذلك إلى حماية الغير. دولة الكويت صغيرة في الحجم والجسم والصورة، لكن زهرة صغيرة يمكنها تغيير الكون الذي يحتويها، ونقله من البؤس إلى الفراهة. إذا اختار الجهّال من بينكم الاعتداء على القريب منكم من الجيران فلا طائل من هذا الفعل غير الخسران، ومن بعده الندم. قال أبو المثل عندنا في العراق: “شنهو البقّة… وشنهو مَرَقْها”.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *