قبل الدخول في صلب موضوعنا لهذا اليوم ، نود أن نعرض لثلاثة ملاحظات ، إلاؤلى .. أن الموظف اليوم لايحمل ابدا سمات موظف الخمسينات والستينات والسبعينات . لا من حيث المعلومات ولا من حيث الكفاءة ولا من حيث اسلوب التعامل مع المواطنين ، الثانية هي أن المتقدم للوظيفة العامة يتوسل للحصول عليها ، وبين ليلة وضحاها يتنكر لها وعلى تعليماتها ومراجعبها ، وثالثا ليتذكر أي موظف يتصدر مكتب الخدمة العامة ، أنه مراجع لدى إدارة عامة أخرى ويقف أمام موظف آخر يتمنى أن ينهي معاملته بسرعة ويسر ،أردنا مما تقدم أن نتكلم في العموم ، والاستثناءات صارت قليلة بعد السقوط ، فلا الكليات كانت منهلا حقيقيا للأداء الوظيفي ،ولا التربية العائلية كانت وراء متعلم يتهيأ للخدمة العامة ، ولا الشاب نفسه بات مستعدا لأداء مهام يراد من ورائها استيضاح دور الدولة في خدمة المواطن ، فالتربية الوطنية سابقا كانت تعد الأجيال عاما بعد عام لأن يكون مواطنا صالحا وموظفا ملتزما أو ضابطا مهنيا ، أو حتى قاضيا عادلا ، وكانت دوائر الدولة بشقيها القطاع الخدمي أو القطاع الإنتاجي ،مدارس تعد الموظفين جيلا بعد جيل وكان مدير الدائرة ومدراء الشعب والاقسام ، اضافة الى كونهم قدوة في السلوك والهندام والعمل كانوا معلمين للجدد من الموظفبن المعينين بواسطة مجلس الخدمة العامة في الدوائر عموما ، والمؤسسة الاقتصادية بالنسبة للقطاع الإنتاجي خصوصا ، وكانت امتحانات التعيين اصعب من امتحان البكالوريا ، كان الموظف حريصا على الدوام بموجب توقيع عند المباشرة وعند المغادرة ، وكانت الدوائر تشكوا قلة الموظفين لعدم امتلاكها صلاحية التعيين ، ولا يتم سد الشاغر إلا بوجود الحاجة الملحة وتوفر الدرجة في الملاك ووجود التخصيص المالي بموجب تنفيذ ميزانية العام الجاري ، وكانت الوظيفة تقييما للإنسان من حيث النزاهة والأمان ، فلم يكن للفساد مكان بين عموم الموظفين ، وان وجد فيكون في أدنى حالاته ، والأشخاص المتلاعبين يودعوا السجون ويصبحوا بعد المغادرة منبوذين ، ولا يطلق سراح السارق إلا بعد إعادة اموال الملايين ، أن الموظف في العقدين الاخيرين تدرج دون أن يدري في ظل هيكل اداري مخالف لتعليمات وقوانين الخدمة العامة أو يتصرف بالمال العام خارج حدود وقواعد وأصول الصرف الحكومي ، وصارت المخالفة عرفا ، وازعاج للمراجع أسلوبا ، وصار لا يخاف العقوبة ، ما دامت التعليمات مقلوبة ، وهكذا صارت المفسدة مرغوبة ، وانقلبت الوظيفة العامة إلى عقوبة بحق المواطن المراجع وبحق الشعب وأمواله المسلوبة……

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *