اذا كان العراق مُكلفاً من دولة عظمى بأداء دور الوساطة التي يعرضها على المتحاربين لإطفاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أو بين طرفي الصراع في السودان، فتلك مسألة أخرى يمكن النظـر اليها من زاوية مغايرة، وسوى ذلك، لا يبدو الدور العراقي مقنعا لأي طرف، حتى وزير الخارجية الاوكراني لم ينتظر مغادرة بغداد ليرد على العرض العراقي بالوساطة مع روسيا فقال ان الوساطة غير مجدية وشكك في قبول روسيا لها . في حين ان أوكرانيا تتابع بكل ثقلها الوساطة التي تقودها الصين أبدت اهتماما كبيرا بها، وعززها دعم الرئيس البرازيلي الذي قال ان من المجدي ان تنضم دولة الامارات لجهود الوساطة مع الصين.
ربما، تغري مسألة التصالح الإيراني السعودي بغداد التي احتضنت خمس جولات من مباحثات الطرفين للاندفاع نحو مصالحات أخرى. انّ المصالحة الإيرانية السعودية ما كانت تتم لولا جهد الصين كقوة عظمى ذات تأثير على البلدين، وكذلك سلطنة عمان التي تمسك بجزء كبير من ملف النزاع في اليمن الذي انخرطت فيه الرياض و طهران .
لا نعرف الأسباب التي جعلت العراق لا يقوم بدور الوساطة لإطفاء الحرب التي اندلعت في سوريا البلد العربي المجاور، قبل أكثر من عشر سنوات، واتت على الأخضر واليابس وخلفت هذا الكم الهائل من المشكلات الأمنية على حدود العراق وفي داخله، حتى ان احتلال داعش لثلث مساحة العراق كان نتيجة تلك الحرب في سوريا. كما ان العراق لم يبد مساعيه لجمع طرفي النزاع في اليمن طوال سبع سنوات من حرب أخرى عمقت مآسي هذا البلد الغائص بالفقر والفوضى. بل انّ الأنكى من ذلك كله، هو ان العراق بصورة غير مباشرة كان طرفا في حربي سوريا واليمن عبر ارسال المتطوعين للقتال هناك، بغض النظر عن المسميات التي حملوها، لكنهم جميعا انطلقوا عبر المنافذ العراقية وبعلم رسمي.
بدل هذا السخاء في العروض خارج البلد، من الاجدر ان تكون الوساطة العراقية بدل مجيء قائد قوات التحالف الأمريكي في سوريا والعراق ليجتمع في أربيل من اجل تقريب وجهات نظر الحزبيين الكرديين الكبيرين على امل توحيد قوات البيشمركة المنقسمة بين أربيل والسليمانية. ألا يستحق هذا الامر وساطة حكومية عراقية بوصفها تصب في هدف أمني يساعد في حماية جزء من العراق الموحد؟