كان من الشرائط السينمائية التي إن شاهدتها عشر مرات ، ستسعد وتندهش كما لو أنك رأيته أول مرة . اسم فلم السهرة هو ” ألسا وفريد ” وفريد هنا افرنجية ولا تنطق كما في حال فريد الأطرش . لم أعرف اسم البطل على شهرته ، لكن بمقدوري القول أنه رجل ثمانيني يشبه صاحبي نهاد كامل محمود مع تحوير قليل في الصف الأمامي من الأسنان غير اللبنية .
لقد كرهته منذ البداية وقد ذكّرني ببعض الكائنات الآدمية التي قرأت سيرها في رواية الحارس في حقل الشوفان لسالنجر وأختها رواية شيطان في الجنة لهنري ميلر ، لكن عليَّ أن أعترف الآن بأنني أحببته في الثلاثين دقيقة المتأخرة من الفلم ، بعد أن قام باعمال جميلة نظفت بقايا حقدي الابتدائي عليه .
أما جارته التي كانت ترقص على منتصف السبعين فكانت رائعة ومدهشة ولن تمنحك مثقال فرصة كي تنفر منها . على الرغم من انها كانت من الوجوه السينمائية المشهورة كما أظن ، لكنني كما في بطلها لم أعرف اسمها الذي ظهر بنهاية الشريط ولم أتمكن من قراءته بسبب انشغالي الكبير بطرد تلك البقّة الوغدة التي كانت تطنطن حول صيوان أذني الكبير هي تشبه كثيراً آمال الزهاوي لكنها لم تكن تكتب الشعر ، بل كان اختصاصها المبدع هو تأليف الأكاذيب اللذيذة التي تجعلك تفتي بذهابها الى الجنة من دون ذرة شعور بذنب .
ظل الفلم حيوياً منعشاً منتشياً بالكثير من كؤوس النبيذ الأحمر ، وبالموسيقى الكلاسيكية التي كانت تهب من غيتار البطل البائد .
فوق الشاشة كائنات اخرى بدت ثانوية وهامشية بقياس الشيطانين المدهشين ، ومنهم ابنة فريد التي لا أدري لماذا أعادتني بقوة الى لمحات ومناظر مشوشة بمكتبة مكنزي المزروعة بخاصرة شارع الرشيد ، على مبعدة ضحكة جماعية قادمة من سوق شارع النهر .
لأليسا الطيبة ابنان أحببتُ الكبير وكرهت الصغير وظلت مشاعري هذه قائمة حتى لفظ الفلم لقطته الأخيرة . كان منظر الإبن الثلاثيني يوحي بوغدٍ يغسل جواريبه مرة كل ستة شهور وقد يكون هذا هو سبب نفوري الشديد من وجهه الباهت .
الحق هو أنَّ التفاصيل كثيرة ومملة أحياناً ، وأنا على مزاج وصبر قليل ، لذلك سأترككم مع مشاهدة ممتعة لما تبقى من هذا النص الطويل مثل بلاد مؤجلة