الكاتب /راضي المترفي
.
ترك البيت دون علمها ومضت ساعتين ولم يعد نشرات الاخبار تتحدث عن انفجارات متعددة في ضواحي المدينة قارئو الاخبار يتسابقون في زيادة عدد الضحايا
الشرطة تغلق الطرق المؤدية الى موقع الحدث
الناس مصابون بهلع ويستخدمون تلفوناتهم الخلوية وهم يركضون
الاخبار تتضارب عن عدد الانفجارات واماكن وقوعها وهي لاتعرف بمن تتصل للاطمئنان عليه وكلما اتصلت باحد المعارف او الاقارب ياتي النداء من الطرف الاخر مشغول او ( المشترك خارج التغطية )
اخذ القلق يرسم في مخيلتها صورا قاتمة
ماذا لو بترت ساقه في احد الانفجارات ؟
هل ينزف حتى يموت او انهم يتمكنون من انقاذه قبل فوات الاوان ؟
ربما تضررت احدى عينيه .. او احترق وجهه .. ماذا افعل لو كان قريب من الانفجار ومزقت الشظايا جسده ؟
هل يمكن ان اجد جسده في المشرحة ؟
لالالا .. لايمكن ان اجده في هكذا مكان ؟ ربما في مستشفى ؟ ولاهذا ايضا .. مايفعلون له في المستشفى اذا كان جسده قد تحول الى قطع متناثرة على الرصيف او في مكان الانفجار .
ومن يهتم لامره بوجود اقارب واعزة اصيبوا بالحادث وهو غريب لايهتم لأمره احد ؟
ماذا لو فقدتك للابد ايها العزيز ؟
ومن يملأ حياة امرأة وحيدة بعدك ؟ وكنت تملأ علي البيت بهجة وحبورا ؟
كانت صباحات الايام معك جميلة نذهب معا ونعود سوية وفي المساء كانت لنا جولات رائعة على الاقدام نمر على كهرمانة وارخيته وابي اقلام وكل اصدقائي يحيونك بلطف بالغ ثم يستقر بنا الحال على شاطيء ابي نؤاس نتأمل جريان دجلة والاطفال المتقافزين بين الشوارع ثم نعود في المساء . .
يالحياتي الموحشة بعدك ..
يافجيعتي فيك
لن ابقى بعدك . .
سأبيع البيت او اقفل بابه واهاجر بعيدا بعيد حتى انساك او انسى ايام عمري التي قضيتها معك . آه كم هو سيء وشرير ذلك الانسان المتوحش الذي يربط نفسه الى سيارة محملة بالمتفجرات ويقوم بتفجيرها ليحصد اكبر عدد من الارواح البشرية فيموت الاحبة ويتركون لذويهم الدموع والاهات .
لن اخرج بعد اليوم وماذا اقول لو سألني من اعتادوا على رؤيتنا معا ؟
كيف امنع عيني من البكاء ؟
كيف استطيع السير في الشوارع والطرقات وانت ليس معي ؟
حبست نفسها في البيت الايام التي تلت يوم الانفجار الاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس وفي صبيحة الجمعة قررت الذهاب الى الكنيسة والتوسل بالسيدة العذراء علها تعيده اليها وفي طريقها الى هناك مرت على سوق الغزل وفي منتصف السوق وجدت صبيا في العاشرة من العمر يضع برقبته سلسلة حديدية ويبحث عن مشتري له .