«هلاّ تركتَ غرفتكَ وخرجتَ مِن صومعتك الكئيبة قليلاً لأستنشاق الهواء أو الجلوس تحت أشعة الشمس»
هذا ما أعتادت أن تخبرني به صديقتي.
بعد أن ظللت أجلس في غرفتي فترات طويلة.
لست أعرفُ مِن أين جاءت صديقتي بهذهِ الفلسفة. إنَّها فلسفةُ ليف تولستوي. لم يسبق لي أن رآيتها تقرأ لِتولستوي. هي لا تقرأ ابداً، بيدَ أن حِكمَتها تفوقُ حكمتي أَضعَافًا مُّضاعفة. تولستوي يرى أننا نَصِلُ إلى ذواتنا كلما اتصلنا بالطَبيعةِ أكثر.
وكأن لسانَ حالُ صديقتي يقول: «دعْ عنك ضوضاء الأخبار وفوضوية مواقع التواصل الاجتماعي وصخبها. وانغمس في الترابِ لتحيا. أذهب إلى التراب لتدنو من نفسك. أقترب أكثر من ملامسة الطبيعة. الطبيعة تحررنا يا حبيبب، نعم، إنَّها تُحرر أجسادنا من القيود ومن أدران الحقد. أُرقص حافيًا في العراء حتى تخور قدماك. أستمع إلى الألحانِ التي تشدوها الأوراق حينما تُلامسها هبوبُ الرياح. الأشياء تحرر بالملامسة. وأليسَ عناقُ أيادي العشاقِ يحرر أرواحهم من المخاوف؟
تخلى عن غرفتك الكئيبة وأسمح لضوء الشمس أن ينغمر في روحك قبل أن تتعفنَ، خلي الحياة تسري فيك. اقرأ الشّعر أنت تعرف ما أحوجنا إلى الشعر هذه الأيام. اقرأ الشّعر تحتَ ظلالِ أشجارِ الكَالِبتوس. غنيْ حتى يبحُ صوتك، غني وانتظر صدىٰ الصوت يبشركُ بوجودك.
_العالمُ مُلتاثٌ بالكراهية
فلا تترك في قلبك ثغرة وإلاّ تسربت إليه الكرّاهية.
_انصت إليه!
«لأن اللبيب قلبه دليله» افتح قلبك ودعهُ يقبلُ عَطايا الحبِ.
_ألست عاشقًا؟
أليس جديرًا أن تكون شبيهًا بِمحبُوبك؟ فكن مضيئًا مثله أو اقتبس من نوره.
عُد لأمك الطبيعة واِغرس قدماكَ في التراب وأغدق على روحك اليابسة فيضُ الحبِّ، لتدب الحياة فيك مرة أخرى».
_هكذا أرادَ أن يتلكمَ لسانُ حالِ صديقتي أو رُّبَما أرادَ أن يقولَ شيئًّا مشابهًا.