وحدها الكتابة تمنحني ألف حياةٍ وحياة، أنا التي لم تكفيني حياةٌ واحدةٌ محشورةٌ بين جدرانٍ أربعةٍ، ومجتمعٍ لم يعترف يومًا بالاختلاف.
اختلاف الشكل، اللون، العرق، الأفكار..
اختلاف الأرواح، الأمزجة، السكون ساعة الصخبِ أو العكس!
كان لِزامًا عليَّ أن أغوص داخل أعماقي، لأكتشف مكنوناتي وكنوزي، لأكتشف عوالمي السرية التي لن يعرف عنها أحدٌ إلا من خلالِ حكاياتٍ وكلماتٍ أسردها هنا وهناك.
كان لِزامًا عليَّ أن أخترع شخصياتٍ أعيش معها تفاصيلي الصغيرة والمملة، أحدثها عن شؤوني الكبيرة والتافهة، أحاورها عن موقفٍ مستفزٍّ أثار غضبي، وأغضبُ إن لم يعجبني ما حاورت به، أو أغضب إن سايَرَتني ولم تكن جريئةً بقولِ الحقيقة المُطلَقةِ عن رأيها.
أحكي قصةَ حبٍّ بائسة، يتيمة تحاول جاهدةً أن تكون وهي تعلم في قرارةِ نفسها أنها لن تكون!
أكتبُ لأن العالم من حولي يتهاوى تبعًا للجاذبية الجمعية، وأنا لا أريد سوى الارتقاء نحو الأعلى حيث الأقلية.
أكتب لأن أطواق السجن باتت ضيقة حول عنقي وأنا بداخلي حرَّةٌ تهوى التحليق والمغامرة.
أكتب لأني أعلم أن أبواب العلمِ ستأخذني لأماكن غنية، مُترفة، أعيش داخلها مغامراتٍ مدهِشة وأنهل منها ما يحميني من جهلٍ يُضِلُّ طريقي، أو يأسٍ يُثبِّطُ عزيمتي.
وحدها الكلمات تمنحني أجنحةً أحلق بها نحو الأمل المنشود الذي أطمح إليه بكامل إرادتي ورغبتي وإصراري.