-1-
قال تعالى :
( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصَاصة )
الحشر / 9
الايثار يتصدر القيم الاخلاقية حيث يتم التنازل عما تحتاجه ( الذات ) للأخرين ، وهذا التنازل الطوعي يكشف عن طُهْرٍ ونقاء في الذات ، وقدرة على الصبر والاستغناء عن المراد لصالح الاخرين، تقديماً وتفضيلا لهم على النفس، في منحىً بالغِ الدلالة على عمق المروءة والانسانية
-2-
لقد أهداني الأخ العزيز الباحث الموسوعي الاستاذ المهندس الحاج عبد الكريم الدباغ مشكوراً كتابه الموسوم بـ ( كشكول الكاظميات في القصص والحكايات ) الصادر حديثا، وقد قرأت فيه قصة الفقيه الكبير المرحوم آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الكاظمي، الذي أهدى اليه احد مقلديه عباءة ثمينة وكانت تقدّر قيمتها ( بخمس ليرات ذهب ) – وهو مبلغ ضخم في تلك الأيام- فما كان من الشيخ الكاظمي الاّ ان باع تلك العباءة الثمينة بعشرين عباءة، ووزع تسع عشرة عباءة منها على طلابه الفقراء واحتفظ لنفسه بواحدة منها ، وجعل نفسه كأحدهم دون أنْ يتميز عليهم ، بعيداً عن كل ألوان الترف والفخفخة …
{ راجع كشكول كاظميات في القصص والحكايات ص 11}
-3 –
وهو بهذا قد أبقى لنا درساً مهماً في باب التعاملات الاجتماعية لاسيما مع شريحة المستضعفين والفقراء .
والعلماء الربانيون هم القدوة في مساراتهم ومداراتهم وتعاملاتهم …
-4-
انّ بامكان كلّ واحد منا أن يتنازل للفقراء عن شيءٍ من الكماليات والمقتنيات التي لا تعن لها الحاجة، وينال صفة الايثار العظيمة .
وان لم يفعل فقد غبن نفسه .
وما يدريك فلعلّ مبادرة واحدة في هذا المضمار تكون سببا لامتلاكه احد مفاتيح الجنة.
فالمهم :
انّ لا تكون ( الذات ) وحدها هي الهم الشاغل لك بعيداً عن الاحساس بحاجات الاخرين ومشاعرهم ولاسيما الفقراء منهم.
فاذا كانت ( الانانية ) غلطة العمر فانّ الايثار هو النجاح الحقيقي في كسر حواجز الذات والانتصار عليها .