كنت عائدا من السوق في ساعة ضحى حينما ابصرت هدى برفقة امها ومعهما شاب لم تقع عليه عيني من قبل ..وكأن الدنيا مادت من تحت قدمي , وغشيتني سحابة ثقيلة ..أعدت البصر من جديد فاذا هدى تتجاهلني
مضيت في طريقي وأنا محموم , مطعون الكبرياء ..ماذا جرى ؟ هل اصدق عيني وأنا لم أر هدى خارج أسوار الزقاق يوما ؟
وتاهت خطواتي في ظلام دامس , وناديت على فاطمة أول ما دخلت الدار .
– ماذا اصابك يا أخي ..لم أرك كما أراك الآن ؟
– أخبريني أخبار هدى .
تلفتت يمينا وشمالا , ولم يكن في الدار سوى امي المنشغلةفي المطبخ ..وقالت بارتباك :
– لقد خطبت لقريب لها موظف .
فقلت وصوتي يعلو دون شعور :
– خطبت ؟ متى كان ذلك بحق السماء ؟
– منذ يومين .
– ولم أعرف !
فقالت بمكر :
– وما شأنك أنت ؟
فقلت والكلام يتعثر على لساني :
– ماذا تقولين ؟ أنا ..
وتنفست بصعوبة ..فتساءلت وهي تخفي ابتسامة :
– هل أنت تحبها ؟
فصرخت في وجهها :
– فاطمة ..لا تكوني سخيفة , واغربي عن وجهي .
– علام غضبك ؟
وسمعتها تهمس وهي تنسحب :
– دنيا عجيبة.
—————————————————
دنيا عجيبة حقا .
وازدادت حالتي سوءا حتى حان وقت العصر .. فوجدت نفسي على سطح الدار بعد قليل ومعي أنيسي الكتاب الذي رحت اعبث بصفحاته دون طائل , ومر وقت ثقيل حتى غابت الشمس واسود الأفق ..فلما يئست لاح شبحها فجأة , فاذا بي أهتف وقد فقدت القدرة على التركيز :
– هدى ..هل من تفسير لما يحدث ؟
فقالت باقتضاب وتشنج :
– وهل يهمك أمري ؟
– ماذا اسمع ؟ أي اسلوب تخاطبيني به ؟
– تلميذتك ..لقد تعلمت منك , أم نسيت ؟
– كفاك سخرية ..الغضب يحرق دمي .
– سنوات وأنت تحرق دمي ..الآن فقط استيقظ فيك الأحساس , الآن بعد فوات الأوان تأتيني والغضب يحرق دمك ..ماذا تريد ؟
– أهي شماتة ؟
– لا أشمت بأحد ..ولكنك مكابر , هذه حقيقتك .
– لم تفهمي ياهدى ولن تفهمي .
– سنوات وأنا في محراب الحب كفراشة تحوم حول الشمعة لتحترق ..وأنت تطل من عليائك ساخرا ..لم تقل لي كلمة حب صادقة , ولم تعطني حتى بصيصا من الأمل ..أي حجر ألقي على قلبك .؟
مسحت دموعها بيدها بينما كان صوتها يرتعش , فقلت :
– لم أخدعك يوما ..قلبي ينوء بحمل ثقيل .
– أين هو قلبك؟لم أسمع نبضة من نبضاته طوال سنين …ماذا تريد ياصلاح ؟ تراوغ معي من جديد
– لست مراوغا ولم أنكث بعهد معك .
– انت لم تعطني أي عهد حتى بالأشارة .
– اذن ستتزوجينه وتطوين صفحة جميلة .
– وهل عندك حل آخر ؟
– لاحل عندي .
التقت نظراتنا برهة , وهرولت لاتلوي على شيء , وقد خيل لي انها تشهق بالبكاء , بينما وقفت وحيدا في الظلام أندب قلبا بائسا هو قلبي المسكين .

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *