كانت بدايات الفنان حمودي الحارثي ( عبوسي ) نجارا مع اخيه يعمل في نحت الخشب ، وفي احد الايام من عام 1957 زارهم في مشغلهم كل من الدبلوماسي هاشم جواد ( وزير خارجية العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم ) مع ناصر الحاني ، وعندما شاهدوا تلك الاعمال النحتية الجميلة اعجبوا بها وسألوا اخيه عمن قام بذلك ، فأخبرهم انه هذا الصبي الصغير ، وهو اخي ، ولما سألوه عن تعليمه ، اجابهم بانه خريج الدراسة المتوسطة ، فطلبوا ان يذهب (حمودي) الى معهد الفنون الجميلة في قسم النحت ليصقل موهبته ، وفعلا ذهب بعد ان اخذ توصية ( كارت واسطة ) من اقرباء والدته الرياضي الاستاذ ( محمد علي صدقي ) صديق عميد معهد الفنون الجميلة انذاك الفنان الكبير حقي الشبلي ، استصحب حمودي معه بعضا من اعماله النحتية ، وفي الساحة المقابلة للمعهد في منطقة ( الكسرة ) ، شاهد جلالة الملك فيصل الثاني خارجا من البلاط الملكي راجلا ( اصبح البلاط فيما بعد دارا للضباط القادة ) ، فتقدم اسوة بالآخرين الذين تجمعوا يحيونه ، ولما اراد ان يكلمه منعه الحرس ، فأشر لهم الملك بالسماح له ،ولما مثل بين يديه وسلم عليه ،عرض عليه منحوتاته وقدم له ( الكارت ) الذي كان معه ، ولما سأله عن علاقته بصاحب الكارت ، اجاب بانه احد اقربائه ، فقال الملك : (هذا الرجل استاذي ومعلمي لمادة الرياضة ) وكتب في ظهر الكارت ، (الاستاذ الكبير حقي الشبلي … ارجوابداء المساعدة ) وقال له ايضا : انت فنان موهوب ولا تحتاج الى الواسطة .
ودع حمودي الملك ، والفرحة لا تسعه , وفي باب عميد المعهد , منعه الفراش من الدخول ، ولما اعلمه انه يحمل كارتا من جلالة الملك , اخبر العميد بذلك , ولما سمع ( الشبلي ) بأسم الملك , نهض من مكانه وادى التحية وقال 🙁 جيب الكارت ) , وقُبِل ( الحارثي ) في قسم النحت , لكن عائلته منعته من الدوام ( للنظرة الخاطئة للفن انذاك ) ولما حاول اقناعهم وافهامهم بان القسم الذي يدرس فيه لا علاقة له بما يقصدونه من فنون ، لم ينفعه ذلك بشيء مما اضطره لترك منزل العائلة والسفر الى مدينة البصرة ليبدأ (عبوسي ) مرحلة من التمرد !