وجدت نفسها في حيرة من أمرها مع زوج شغله الشاغل معاقرة الخمرة وهي المرأة الصالحة التي تخشى الله حق خشيته ، حاولت أن تصده عن عبثه ولهوه ومجونه دون جدوى ، وكان يجرح مشاعرها كلما تحدثت معه في هذا الأمر.
راحت تخاطب نفسها قائلة : كان يوما مشؤوما يوم اقترنت به ، لقد بدا لي كحمل وديع في أول الأيام ولكنه ما لبث أن كشف قناعه بعد زمن قصير وانتظرت أن يعود الى رشده وأنا أحدثه حديث الحب والود ولكنه تجاهل ما أردت ترميمه ، فكرت بعد حين أن أنفصل عنه غير أن أبي نصحني بالصبر والا اعود الى حديث الطلاق .
صبرت طويلا ومضت السنون متلاحقة وأنجبت الأبناء الذين راحوا يكبرون والزوج السكير لا يلتفت الى مسؤولية الأسرة حتى النفقات لا تكاد تسد الحاجة في الوقت الذي هو يبدد امواله على لياليه الرخيصة في صالات المجون .
قال لها ابنها البكر يوما وقد غدا شابا يافعا :
– انك يا أماه تتذوقين المر بما يفعله أبي .
قالت له وهي تهدئه :
– يا بني انه قدري لا مفر منه وقد وكلت أمري الى الله .
– أليس من سبيل ونحن نرى أبانا يعود كل ليلة الى الدار وهو يتعثر في خطواته !
– لم تعد النصيحة تجدي معه .. انه عنيد في المضي في هذا الطريق السيء .
– أتدرين يا أمي أنني لا أحبه وتمنيت لو كان لي أب غيره .
– لا يا بني انه أبوك على أية حال وطاعته واجبة .
– ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
– قد يتغير أمره غدا ويعود الى طاعة الله .
– هل ترين ذلك حقا !
– يفعل الله ما يشاء .
– ألم تفكري بالانفصال عنه يوما ؟
– بلى فكرت ثم انكم بعد ذلك ملئتم قلبي حبا فلن أفرط بكم ، وكل ذلك يهون من أجلكم .
رجعت الى حجرتها لتصلي صلاة العصر ثم راحت بعدها تدعو الله طويلا ان يهدي زوجها لما يحب ويرضى .. وكانت تسترجع حديث ولدها البكر فتأخذها الحسرة ، ومع ذلك فرض عليها ايمانها أن تتجاوز آلامها وأن تفوض أمرها الى الله .