حكى لي صديقي السبعيني الطيب ابو حيدر ,  قصة واقعية قديمة , معبرة  وشيقة , تحمل في مضمونها البسيط معاني انسانية وقيم الامانة والاخلاص في المهنة ومفادها :

كان  هناك رجلا اربعينياً يعاني من وجع و صداع  مزمن لم يعرف سببه , وقد راجع المستشفيات وعيادات الاطباء لعلاج حالته المرضية وصرف نقودا كثيرة , لكن دون جدوى ولم يفلح في الخلاص من ذلك الوجع اليومي , وبقي على هذه الحال عدة اشهر . مما جعله يشعر باليأس من مراجعة الاطباء والمستشفيات من خلال اخذ الاشاعة واجراء التحاليل المرضية لمعرفة علة ذلك الوجع .والذي اخذ يتعايش  معه .

وذات يوم خرج  وقت العصر , يتمشى في شارع الرشيد وبالمصادفة مر امام عمارة قديمة  واخذ ينظر الى بابها ودرجها (السلم ) الذي يعلوه لوحة عيادة طبيب , وفجأة فكر مع نفسه ان يصعد هذا الدرج ويدخل عيادة الطبيب , عسى ان يجد عنده العلاج لذلك الوجع اليومي المزعج الذي يعاني منه  ..عندها  صعد درج العمارة ودخل العيادة ووجد طبيبا كبير السن نحيفا يجلس وراء طاولة  , طلب منه  ان يجلس امامه ويشرح حالته المرضية , وبعد ان شرح له ذلك , قام الطبيب من مكانه وبدا يفحص اذنه وعينه وراسه ثم طلب منه ان يفتح فمه , واخذ بيده مطرقة صغيرة تشبه (الجاكوج ) وبدا يطرق على اسنانه واحد تلو الاخر الى ان وصل سن من اسنانه وطرقه , حيث صاح الرجل المريض بأعلى صوته ( اخ  اخ )  ثم طلب منه الطبيب  النزول الى طبيب الاسنان  في الطابق الارضي من العمارة , و ان يقلع هذا السن المعلول , وبعد  قلع ذلك السن , شعر الرجل بالراحة وعادت حالته الطبيعية , وحمد الله على ذلك , حيث تبين ان الوجع والصداع كان من جراء عصب السن المقلوع  ..فقد كان يضرب على الراس ويسبب وجعا وصداعا ,  بعدها عاد مسرعا الى الطبيب وشكره كثيرا على علاجه من الوجع اليومي , وقرر ان يدفع له اجرة العلاج 50 دينار بدلا من  الاجرة المحددة 5 دنانير , الا ان الطبيب رفض المبلغ 50 دينار واخذ خمسة دنانير فقط , مما دفع الرجل ان يرفع يداه الى السماء ويدعو له من الله تعالى ان يطل بعمره  ويحفظه , فرد عليه الطبيب هذا هو الذي اريده , حتى نستمر في اداء رسالتنا الانسانية في علاج الناس , لأننا اطباء  رحمة ورسالة  وليس مثل بعض التجار همهم الوحيد الربح الوفير … (انتهت القصة) . ومن جانبنا نقول كما يقولون الاخيار  (اذا خليت قلبت ) وان الاخيار والطيبين موجودين .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *