ايام مفعمة بالسرور، وملآى بالمعلومات التي كانت غائبة عنا، وفرتها مؤسسة « خطى» لرعاية رواد الصحافة والفن والادب، وربانها د. علاء الحطاب، في سفرة الى محافظة المثنى، ضمت زملاء واكاديميين اعزاء، كانت مهمتها الاساس، تكريم عشرة من رواد المحافظة في الابداع الثقافي، لكن الاستقبال والرعاية الكبيرة التي احطنا بها من اركان محافظة المثنى، متمثلة بالمحافظ السيد مهند العتابي، والسيد عادل الياسري رئيس هيئة الاستثمار واركان المحافظة، جعل السفرة تتوسع لتشمل جولة حرة في مدينة السماوة، مركز المحافظة، وملاحظة التطور الحاصل فيها، وتأكيد المحافظ ان خططا لإنعاش البنى التحتية والعمرانية جديدة وضعت ستشهدها « السماوة» وكافة مدن المحافظة، وشملت ايضا زيارة رائعة لن تنسى الى بادية «السماوة» ومشاهدة بقايا آثار سجن « نكرة السلمان «.. ودعوة غداء، كأنها في الاحلام، تمت تحت خيمة كبيرة نصبت في واحة ظليلة، وضيافة عربية اصيلة..
وهنا، اتوقف، امام ظاهرة، لفتت انتباهي، رغم ان السفرة برمتها، ظاهرة رائعة في المحتوى والهدف.. فما هي هذه الظاهرة ؟
في اثناء دعوة العشاء التي اقامها لفريق مؤسسة « خطى»، دعا السيد رئيس هيئة الاستثمار ان يكون ارتشاف الشاي بأحد المشاريع السكنية، ذات الهندسة الافقية، وكان له ما طلب، وبدقائق معدودة، كنا امام مجمع سكني رائد، واطلعنا على الدور المشيدة بأحدث الخرائط الهندسية، المطابقة لأذواق العائلة السماوية، وبمواد اثارت اعجابنا، وحين سألنا عن الاسعار وجدناها مناسبة مع جودة البناء ومفرداته، قد تصل الى النصف عن بقية المحافظات !!
ان ما سمعته، من رفاق سفرة « خطى» الذين تجولوا في البيوت الجاهزة للسكن في المجمع، وتأكيدهم على ان مثل هذا المشروع، واسعار البيوت فيه، يدعو الى الاعجاب، واعتبروه درساً مهماً ونبراساً يجب أن يحتذى به من جميع هيئات الاستثمار في العراق.
لقد اطلعت على حجم المنجزات الاستثمارية التي قادتها واشرفت عليها هيئة استثمار المثنى، لكن بُعدها عن الاعلام ظلمها كثيرا حيث لم توثق بما ينبغي، بشكل حضاري مدروس، لتبقى وثيقة حية للأجيال، ولعل الارقام التي امامي، ما يؤكد النشاط الكبيرللهيئة، حيث شهدت استثمار 400 مشروع موزع على مختلف القطاعات، ففي القطاع الزراعي هناك 76 والصناعي 117 والسكني 43 والخدمي 22 والتجاري 67 الحيواني 26 والكهرباء 4 والتربية 14 وغيرها بالعشرات، ووفرت هذه المشاريع اكثر من 89 الف فرصة عمل لأبناء المثنى.. والاهم من كل ذلك، بادرت الهيئة، باستئناف العمل الذي كان متلكئا، في معمل سمنت المثنى الذي سيشكل انعطافه في الهيكل الصناعي للمحافظة،حيث سيوفر مادة السمنت العادي والمقاوم بحدود مليونا طن سنويا، وصدق القائل : خير للإنسان أن يكون بالظل في الطريق الصحيح، من أن يكون ضوءً في الطريق الخطأ، ومن المهمّ أن نصنع حلماً من الحياة، وأنْ نصنع واقعاً من الحلم..
تحية لرجال هيئة استثمار محافظة المثنى، وعلى رأسهم السيد عادل داخل الياسري رئيس الهيئة، فقد ذكروني اثناء اطلاعنا على المشروع السكني الافقي، وبقية المشاريع، بأجدادنا الذين زرعوا اشجار النخيل، لنتذوق تمورها بعد عقود من الزمن.. فالاستثمار بذرة نأكل ثمارها في لاحق السنين، ان وفرنا لها تربة صالحة وخدمة السقي والمتابعة والحماية من هزات الايدي الجاهلة !