قاعة صحيفة (الزمان) على سعتها، امتلأت صباح 25 حزيران المنصرم، بضيوفها الذين حضروا مبكرين، متحدين حرارة الجو التي لامست الخمسين درجة، حاملين معهم افئدة المحبة، لزميل لهم، معربين بحب وامتنان عن سعادتهم بمنح قلادة الابداع التي قدمها الاستاذ سعد البزاز رئيس مجموعة الاعلام المستقل..
ووسط بهجة الود، وباقات الورود، وعدسة قناة «الشرقية» التي وثقت احتفالية التقليد التي قام بها، نيابة عن الاستاذ البزاز، الدكتور احمد عبد المجيد رئيس تحرير « الزمان « طبعة بغداد، كان تبادل القبلات المفعمة بالصدق والوفاء ومعاني الزمالة هي الحاضرة.. وان ذاكرتي ستبقى تحمل اسماء ووجوه الحضور الكريم ما حييت، ومعظمهم زملاء جمعنا الحرف، كما ستحتفظ هذه الذاكرة، بوجوه واسماء، لم تتعب نفسها حتى بكتابة سطر واحد من تهنئة عادية، ومن بين أولئك من كان فضلي عليهم كثيرا، بعد الله جل وعلا، حيث سعيت لتعينهم بوظائف، باقون فيها الى الآن، فحميتهم وعوائلهم من تشرد وانكسار !
للجميع شكري وامتناني، ولاسيما للأستاذ سعد البزاز راعي قلادة الابداع، وللزميل د. احمد عبد المجيد رئيس تحرير « الزمان « طبعة بغداد الذي هيأ حفل التكريم، صحبة كادر الجريدة..ولمن حضر وكتب مقالات واعمدة في الصحف او المجلات، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وهي كثيرة جدا. لقد وجدت من الواجب، ان اشير الى الذي ذكرته، فالعرفان بالجميل هو من سمات النبل.. وهنا، تذكرتُ قول استاذي فيصل حسون نقيب الصحفيين السابق ( طيب الله ثراه ) حين شكرته لتوقيعه هويتي الصحفية لأول مرة في العام 1965 ، رغم مرور عقود من الزمن (ان الوفاء وذكر المعروف، خصلة يمنحها الله سبحانه وتعالى لذوي القلوب الصافية، الممتلئة قوة وشموخا).. ما اصدقك شيخ الصحفيين .
ان الانسان الوفي، انسان غير هياب للأقاويل مرفوع الرأس، قوي الشكيمة، لا يخاف من ماضيه، مثلما يؤمن بالمستقبل دون تردد، وذكر المعروف، ليس عيبا او مثلبة، بل شجاعة فليس هناك انسان تبوأ مركزا او حصل على شهرة دون ان تكون له بدايات، ولا بد لهذه البدايات من موجه ومحتضن، فحرام ان نبخس حق من اعطونا من وقتهم ودمائهم واعصابهم حتى استوى عودنا.. ان الوفاء يبقى سيد الأمنيات، ففيه تتصالح النفوس وتتجه الى عمق سريرة التواد، ويا مسعد من تكون قلوبهم وفية، خالية من البغضاء والنميمة، وكل موقع زائل، والدنيا دوارة، لكن خصلة الوفاء باقية، متجذرة في النفوس، فالوفاء والطيبة ، وفعل الخير وتواصل الأرحام، والدعوة الى نبذ الترسبات الحياتية وتكلساتها، مسارات تحيي النفوس وترطبها، وترش عليها أطاييب العطور..وتنمي الضمائر مع قناعتنا بان الوفاء يعني الضمير الحي، الذي يحاكي الصدق مع النفس.
في خارطتنا المجتمعية، اجد لوحات ضبابية لأشخاص، نسوا أمسهم، وتعاملوا مع يومهم فقط، متنكرين للأيادي التي مُدت اليهم في فترة بداياتهم، ولما اشتد عودهم، تناسوا تلك الايادي، بل ان بعضهم، اشبهه بالأرنب الذي تحول الى ذئب محاولاً قطع تلك الايادي حتى لا تؤشر اصابعها الى ماض لا يسر.
اشعر بالبؤس على هؤلاء الذين اشاهدهم، وهم يقبلونني بقلوب يعوزها الحنان حين التقيهم، فأحس انهم والوفاء في حالة تقاطع .. مثل ماء البحر، وماء زُلال !