نكتب في كل مرة يحدونا الأمل أن يتحقق هذا، وعند مفترق طريق البداية كنا نتأمل في نهاية كل دورة انتخابية، تشكيل حكومة جديدة نتوسم فيها الخير أن تأخذ البلاد الى ضفة المشاريع والبناء، ولكن كل مرة نصاب بخيبة أمل، فطوال عقود فترة الانتقال من الدكتاتورية الى الديمقراطية، عشنا فترة مخاض التاريخ بالنسبة للعراق ولازلنا، لذا بقينا في طريق المطالبة بالإصلاح والتخلص من عثرات طريق مشروع البناء الوطني، وآخر محطات الانتظار كانت حكومة السوداني، وهي امام تحدي عثرات الحكومات السابقة من خلال فعل يومي، لكننا يسكننا الشك في هذه المهمة كون مخرجات تكوين هذه الحكومة كما السابقات، لكننا نأمل هذا..فنحن نبقى نطالب الخروج من خندق المحاصصة ليبدأ الوزير مع مجموع وزارته في اتجاه مشروع البناء..! ونطالب مواجهة الفساد، ولكن أنّى هذا ولازال غول الفساد يتضخم في الدولة، والدليل أركان سرقة القرن لازالوا أحرارا يتنعمون بسرقتهم قوت الشعب، ولم يخرج بيان من الحكومة صريحا يبين أسباب هذا، ولازلنا نسمع أخبار استقدام شخصيات متهمة بالسرقة من قبل هيئة النزاهة، ونتحرى الحقيقة فلا نجدها، ثم ان هناك اندفاع وحرص حكومة السوداني للقضاء على البطالة، لكن لازال هناك عدم جدية في التوظيف وتوفير فرص العمل، فنجد هناك عائلة عندها تضخم من الموظفين، واخرى لديها ثلاث، أو خمس من الخريجين لم يجدوا فرصتهم في الوظيفة، وهذا مؤداه سوء التخطيط لاستيعاب خريجو الجامعات، والمفترض وضع جدول سنوي، وتكون مفاضلة لقدم سنة التخرج، لمحاولة استيعاب خريجي السنوات القديمة، وهكذا تسلسل السنوات التي تليها، لان بعض الأعمار دخلت سن متقدم على الوظيفة، هذا أولا ثم محاولة تنشيط القطاع الخاص في استيعاب البطالة، فالبطالة آفة اجتماعية مرضية تجر الى أمراض كثيرة ومنها كثرة الجريمة في المجتمع، مما يؤدي الى عرقلة مشروع بناء الدولة، ثم هناك عامل الطائفية التي يتشدق به كبار الساسة الحاكمين، وهذا من اشد عوامل عرقلة مشروع بناء الدولة الوطنية، ننتظر من السلطة التشريعية سن قانون يجرم حتى الكلام الطائفي قبل الفعل، فالطائفية تقوض كيان الوطن وتجدد الفوضى واهراق الدم الطاهر البريء، وكم تكون الدولة العراقية الان بحاجة لإعادة تنظيم أجهزتها، أي هيكلة دوائرها بما ينعكس في اختزال نصف دوائر الدولة ودرجاتها الخاصة، وتكون مثلا الشروط الواجب توفرها في المتقدم لوظيفة ما يحمل تحصيلا علميا متناسبا والتخصص المتقدم عليه، ودون ذلك ينقل لوظيفة تتناسب مع مؤهلاته، ولابد من تفعيل مجلس الخدمة العامة لتعيين الموظفين وفق التخصصات والأهداف المطلوب تحقيقها، كي يتم التخلص من الترهل والبطالة المبطنة، ورفع كفاءة الدوائر في تقديم الخدمة، والمطلب الأهم في هذا الخصوص إعادة النظر بسلم الرواتب ابتداءً من الرئاسات الثلاث نزولا، وحصر الراتب التقاعدي لمن لديه خدمة فعلية لا تقل عن 15 سنة، كما هو معمول به منذ القوانين الأولى في تأسيس الدولة العراقية، والمهم القيام بثورة إدارية لتطهير أجهزة الدولة من الفاسدين ومن شغلوا وظائفهم على أسس الولاء الحزبي والطائفي والعشائري والعائلي.. فهل تستطيع الحكومة الحالية القيام بهذا، قد تستطيع اذا ما استمرت بعملها الآن الحثيث في معالجة المشاريع المتلكئة، والتي نجحت في بعضها من خلال زيارات رئيس الحكومة بنفسه والاطلاع ميدانيا عليها، ولم يكتفي بهذا، بل يقوم باستمرار المتابعة…فهل نحن مقبلون لبناء دولة مدنية، تقوم على نظام مدني في منظومة علاقتها، التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والعدالة وتوزيع الثروات بشكل يضمن حقوق جميع أفراد المجتمع دون تمايز أو محاباة وفق ميول الحاكم والسلطة، بل يكون بناءها على أساس ديمقراطي ، وضمن مشروع بناء متواصل لكل ارجاء الوطن، وضمن دالة المواطنة..