تظهر نتائج تصنيف نيتشر اندكس Nature Index صورة قاتمة ومؤسفة عن واقع البحث العلمي في العالم العربي والاسلامي. يصنف المؤشر كل عام المؤسسات الرائدة والبلدان بناء على عدد الاوراق العلمية المنشورة في المجلات الرائدة كالنيتشر وساينس وسيل ووقائع الاكاديمية الوطنية للعلوم ومجلة الجمعية الكيميائية الامريكية ومجلة ابحاث السرطان. غياب اي دولة عربية او اسلامية ضمن افضل خمس وعشرين دولة هو بمثابة صفعة قوية لوعود القيادات السياسية والعلمية الزائفة بالتقدم العلمي والتكنولوجي. احرزت السعودية ترتيب 29 ومصر 54 والاردن 87، اما العراق فتبوأ ترتيب 130. هذا الفشل الذريع، رغم الموارد الهائلة والسكان الضخمة، يمثل ادانة لنا جميعا، حكاما ومحكومين.
ان اسباب هذا التراجع متجذرة في اعماق منظومتنا التعليمية والبحثية. فغياب الرؤية الاستراتيجية، والبيروقراطية الخانقة والتوجهات السياسية المتقلبة والفساد الاكاديمي، كلها عوامل ساهمت في تدهور مستوى انتاجنا العلمي. لن نتمكن من تغيير هذا الواقع المرير الا بتغيير جذري في ثقافتنا العلمية، بدءا من المدارس وحتى الجامعات. يجب ان نزرع في اذهان ابنائنا حب المعرفة والابداع، وان نشجعهم على التفكير النقدي وطرح الاسئلة والبحث عن الاجابات.
اننا مدعوون جميعا للعمل معًا من اجل بناء مجتمعات قائمة على المعرفة والابتكار. علينا ان نخلص انفسنا من ثقافة التقليد السائد، والتي تغفل عن أهمية العقل والتفكر المستقل، وان نؤمن بقدراتنا وامكانياتنا. فالعلم ليس ترفاً، بل هو ضرورة حتمية لبقاء الامم وتقدمها. اننا نحتاج الى استثمارات ضخمة في البحث العلمي، وتوفير بيئة محفزة للابداع، وكسر قيود البيروقراطية والفساد التي تعوق تقدمنا. علينا ان نستبدل العقليات التربوية والعلمية السائدة بعقليات مبتكرة ومبدعة لتضع الاسس لمستقبل مشرق يعج بالابتكار والاكتشافات العلمية. فهل سنظل نكتفي بدور المتفرجين على مسيرة الحضارة الانسانية، ام سنقرر ان نكون جزءا فعالا من هذا المسار؟