هناك في زوايا الحياة، حيث تمتد يد الخير بلا مقابل، تزدهر الأرض ويخضرّ وجهها الباسم. العطاء، ذاك النبع الذي لا ينضب، يروي جذور الحب في أعماق التربة، فتولد السنابل، وتتنفس الزهور، ويهتز الغصن فرحًا بحمل ثماره .من منح بلا حساب، أدرك سرّ الربيع الدائم، ومن بَذَرَ بسخاء، رأى الأرض تُزهر تحت قدميه. فالعطاء ليس مجرد يد تمتد، بل روح تفيض، ونبض يزرع الحياة في قلوبٍ كادت تذبل .كم زهرة تفتحت لأن قلبًا صادقًا سقى جذورها بقطرات الرحمة؟ وكم أرضٍ قاحلة تحولت إلى جنّة حين مَرَّ بها العطاء؟ إن يد الخير تترك أثرًا لا تمحوه السنون، وأحلام المحرومين تصبح واقعًا حين تمتد لها أكفُّ الكرماء. أعطِ، ولو بابتسامة، ولو بكلمة، ولو بنظرة دفء، وستجد أن الأرض من حولك تضحك، والسماء تصفق فرحًا، والأرواح تزهر كأنها حدائق في ربيع أبدي.
فالعطاء مسيرة لا تتوقف، وكل خطوة فيها نورٌ يُنير الطريق، وسعادةٌ تعود مضاعفة إلى صاحبها.